responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 69
وَلَاسْتَوْلَى الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَالدَّنِيءُ عَلَى الشَّرِيفِ، وَكَذَلِكَ وُلَاةُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ لِلْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ الْحُكَّامُ لَوْ لَمْ يُنَصَّبُوا لَفَاتَتْ حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ وَلَضَاعَتْ أَمْوَالُ الْغُيَّبِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تُفَوَّضْ التَّرْبِيَةُ إلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ لَضَاعَ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُفَوَّضْ الْإِنْكَاحُ إلَى الرِّجَالِ لَاسْتَحْيَا مُعْظَمُ النِّسَاءِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ، وَلَتَضَرَّرْنَ بِالْخَجَلِ وَالِاسْتِحْيَاءِ، وَلَا سِيَّمَا الْمُسْتَحْسَنَاتُ الْخَفِرَاتُ، وَكَذَلِكَ الْأَمَانَاتُ الشَّرْعِيَّةُ لَوْ لَمْ تُشْرَعْ لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ الَّتِي اسْتَأْمَنَهُمْ الشَّرْعُ عَلَيْهَا وَلَتَضَرَّرَ مَالِكُوهَا، وَكَذَلِكَ اللُّقَطَاءُ لَوْ لَمْ يُشْرَعْ الْتِقَاطُهُمْ لَفَاتَتْ عَلَى أَرْبَابِهَا وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَوَائِدَ كُلِّ وِلَايَةٍ وِلَايَةٍ.
وَأَمَّا احْتِيَاجُ الْأَكَابِرِ إلَى الْأَصَاغِرِ فَنَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: الِاحْتِيَاجُ إلَى الْمُعَاوَنَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ عَلَى
الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْأَجْسَامِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ وَذَلِكَ بِالْمَنَافِعِ كَالِاسْتِيدَاعِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْحِرَاثَةِ
وَالنِّسَاجَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالْبِنَاءِ وَالطِّبِّ وَالْمِسَاحَةِ وَالْقِسْمَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ مَا يَحْتَاجُ الْعِبَادُ إلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ، كَالْوَكَالَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالسِّفَادَةِ وَالْحَلْبِ وَكِرَاءِ الْجِمَالِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْأَنْعَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ تَدْعُو إلَيْهِ الضَّرُورَاتُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ الشَّرْعُ فِي هَذَا بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَأَدَّى إلَى هَلَاكِ الْعَالَمِ، إذْ لَا يَتِمُّ نِظَامُهُ إلَّا بِمَا ذَكَرْتُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] ، أَيْ لِتُسَخِّرَ الْأَغْنِيَاءُ الْفُقَرَاءَ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُبَحْ ذَلِكَ لَاحْتَاجَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ حَرَّاثًا زَرَّاعًا سَاقِيًا بَاذِرًا حَاصِدًا دَائِسًا مُنَقِّيًا طَحَّانًا عَجَّانَا خَبَّازًا طَبَّاخًا، وَلَاحْتَاجَ فِي آلَاتِ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَكُونَ حَدَّادًا لِآلَاتِهِ نَجَّارًا لَهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ جَلْبِ الْحَدِيدِ وَالْأَخْشَابِ وَاسْتِصْنَاعِهَا، وَكَذَلِكَ اللِّبَاسُ يَفْتَقِرُ قُطْنُهُ وَكَتَّانُهُ إلَى مَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ الزَّرْعُ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست