responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 62
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] ، وَإِنَّمَا ذَمَّ اللَّهُ الْعَمَلَ بِالظَّنِّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ أَوْ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ كَمَعْرِفَةِ الْإِلَهِ وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُعْظَمَ مَصَالِحِ الذُّنُوبِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُبَاحِ مَبْنِيٌّ عَلَى الظُّنُونِ الْمَضْبُوطَةِ بِالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَلَوْ شَكَّ الْمُصَلِّي فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا وَجَبَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ هَهُنَا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى بِالْيَقِينِ إلَّا الِاعْتِقَادُ دُونَ الْعِلْمِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ» مُعْتَقِدًا أَنَّهُ كَمَّلَ الصَّلَاةَ، وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ شَرْطًا لَمَا سَلَّمَ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلْمِ، وَلَوْ شَكَّ الْإِمَامُ فِي أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ فَسَبَّحَ لَهُ الْجَمَاعَةُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ، فَإِنْ كَانُوا عَدَدًا تُحِيلُ الْعَادَةُ وُقُوعَ النِّسْيَانِ مِنْ جَمِيعِهِمْ بَنَى الْإِمَامُ عَلَى قَوْلِهِمْ لِعِلْمِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12] وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذِبُ الْحَدِيثِ» ؟ .
قُلْنَا: أَمَّا الْآيَةُ فَلَمْ يَنْهَ فِيهَا عَنْ كُلِّ ظَنٍّ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ بَعْضِهِ وَهُوَ أَنْ نَبْنِيَ عَلَى الظَّنِّ مَا لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَظُنَّ بِإِنْسَانٍ أَنَّهُ زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ أَوْ قَتَلَ نَفْسًا أَوْ أَخَذَ مَالًا أَوْ ثَلَبَ عِرْضًا فَأَرَادَ أَنْ يُؤَاخِذَهُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا ظَنُّهُ.
وَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا هُوَ الْإِثْمُ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ، وَيَجِبُ تَقْدِيرُ هَذَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الظَّنِّ مَعَ قِيَامِ أَسْبَابِهِ الْمُثِيرَةِ لَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ لِاجْتِنَابِ مَا لَا يُطَاقُ اجْتِنَابُهُ، إذْ لَا يُمْكِنُ الظَّانُّ دَفْعَهُ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ قِيَامِ أَسْبَابِهِ، وَلَنْ يُكَلِّفَ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ فِيهِ: إيَّاكُمْ وَاتِّبَاعَ بَعْضِ الظَّنِّ، وَإِنَّمَا قَدَّرَ ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الظَّنِّ فِيمَا

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست