responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 52
الْمُجَرَّدَاتِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ إذْ لَوْ لَمْ نَكْتَفِ بِهِنَّ لَغَلَبَ ضَيَاعُ ذَلِكَ الْحَقِّ وَفَوَاتُهُ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى شَرْطِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّهُ بَلْ الْغَرَضُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ فِي الزِّنَا سَتْرُ الْأَعْرَاضِ، وَدَفْعُ الْعَارِ عَنْ الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ فَضَيَّقَ الشَّرْعُ طَرِيقَ إثْبَاتِهِ دَفْعًا لِمَفَاسِدِهِ إذْ لَا يَتَيَسَّرُ حُضُورُ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْعُدُولِ يُشَاهِدُونَ زِنَا الزَّانِينَ، وَلَا عَارَ عَلَى الْقَاتِلِينَ، وَلَا عَلَى عَشَائِرِهِمْ فِي الْغَالِبِ بَلْ قَدْ يَتَبَجَّجُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِقَتْلِ الْأَعْدَاءِ وَتَتَمَدَّحُ بِهِ عَشَائِرُهُمْ.
وَذَلِكَ كَثِيرٌ مَشْهُورٌ فِي أَسْفَارِ الْعَرَبِ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ حُرَّاسٌ عَلَى كَتْمِ الْفَوَاحِشِ كَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَقَدْ عِيبَ عَلَى امْرِئِ الْقَيْسِ ذِكْرُهُ مُقَدَّمَ الزِّنَا فِي بَعْضِ قَصَائِدِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ كَذِبُ الْعِلْمِ وَإِخْلَافُهُ، وَالظَّنُّ يُتَصَوَّرُ الْكَذِبُ وَالْإِخْلَافُ.
إلَّا أَنَّ الصِّدْقَ وَالْوِفَاقَ غَالِبٌ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ وَاتَّبَعَهُ الْعُقَلَاءُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مَعَ جَمِيعِ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَذَبَ الظَّنُّ فَقَدْ فَاتَتْ الْمَصَالِحُ وَتَحَقَّقَتْ الْمَفَاسِدُ وَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنْ ذَلِكَ، وَيُعْفَى عَنْ كَذِبِهِ فِي حَقِّ الْعَامِلِينَ بِهِ لِجَهْلِهِمْ بِكَذِبِهِ، وَلَنْ يُكَلِّفَ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَطَاقَتَهَا.
فَإِنْ قِيلَ: مَا تَقُولُونَ إذَا تَعَارَضَتْ الْأَدِلَّةُ؟ قُلْنَا: أَمَّا أَدِلَّةُ نَصْبِ الشَّرِيعَةِ وَوَضْعِ الْأَحْكَامِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ بَلْ يَتَوَقَّفُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ تَرَجُّحٌ مِنْ نَسْخٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ بَذَلَ جَهْدَهُ فَلَمْ يَظْفَرْ بِمُرَجِّحٍ، وَرَجَعَ حِينَئِذٍ إلَى الْقِيَاسِ، وَإِذًا لَيْسَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ تَعَارُضُ عِلْمَيْنِ، وَلَا تَعَارُضُ ظَنَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُؤَدٍّ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ أَدِلَّتِهَا الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، فَتَعَارَضَ الشَّهَادَتَانِ وَالْخَبَرَانِ وَالْأَصْلَانِ وَالظَّاهِرَانِ.
وَكَذَلِكَ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست