responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 45
أَنَّا إذَا أُمِرْنَا أَتَيْنَا مِنْهُ بِمَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنَّا مَا عَجَزْنَا عَنْهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حِفْظَ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ تَضْيِيعِ الْكُلِّ، وَقَدْ قَالَ شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} [هود: 88] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ، فَعَلَّقَ تَحْصِيلَ مَصَالِحِ التَّقْوَى عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ، فَكَذَلِكَ الْمَصَالِحُ كُلُّهَا.
وَلِمِثْلِ هَذَا قُلْنَا: إذَا عَمَّ الْحَرَامُ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ حَلَالٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ الصَّبْرُ إلَى تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ، لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ الْعَامِّ.

[فَائِدَةٌ إنَّمَا شُرِطَ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ]
(فَائِدَةٌ) إنَّمَا شُرِطَ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الصَّادِرَ مِنْ اثْنَيْنِ آكَدُ ظَنًّا وَأَقْوَى حُسْبَانًا مِنْ الْخَبَرِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِ الْوَاحِدِ، وَكُلَّمَا كَثُرَ الْمُخْبِرُونَ كَثُرَ الظَّنُّ بِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ خَبَرُهُمْ إلَى الِاعْتِقَادِ، فَإِنْ تَكَرَّرَ بَعْدَ حُصُولِ الِاعْتِقَادِ انْتَهَى إلَى إفَادَةِ الْعِلْمِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِاطِّرَادِ الْعَادَاتِ فِيمَا يَنْدَرِجُ فِيهِ مِنْ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ تَتَوَارَدَ الشَّهَادَتَانِ عَلَى شَيْءٍ مُتَّحِدٍ.
فَإِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى قَتْلٍ أَوْ قَبْضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ، وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَتَعَلَّقَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَتَأَكَّدَ الظَّنُّ، وَمَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ حَكَمَ بِذَلِكَ كَانَ حُكْمًا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ، فَإِنَّ الشَّهَادَتَيْنِ مُتَكَاذِبَتَانِ فَلَوْ حَكَمَ بِذَلِكَ لَكَانَ حُكْمًا بِالشَّكِّ، وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُ الْإِقْرَارِ.
فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَحْكُمْ بِالشَّهَادَةِ إذْ لَمْ يَقُمْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِقْرَارَيْنِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ لَمْ تَتَوَارَدَا عَلَى إقْرَارٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ إقْرَارَ يَوْمِ الْأَحَدِ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ إلَّا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ إقْرَارُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ إلَّا وَاحِدًا فَلَمْ تَتَوَارَدْ الشَّهَادَتَانِ عَلَى إقْرَارٍ وَاحِدٍ، فَيَتَأَكَّدُ الظَّنُّ بِانْضِمَامِ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى، وَلَكِنْ لَمَّا اتَّحَدَ الْمُقَرُّ بِهِ وَقَعَ الْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَشْهَدَا بِالْمُقَرِّ بِهِ حَتَّى يُقَالَ تَوَارَدَتْ الشَّهَادَتَانِ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست