responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 43
[فَائِدَةٌ الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِ الْقُضَاةِ]
(فَائِدَةٌ) الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِ الْقُضَاةِ إنْصَافُ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ، وَتَوْفِيرُ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ، وَالنَّظَرُ لِمَنْ يَتَعَذَّرُ نَظَرُهُ لِنَفْسِهِ كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْمُبَذِّرِينَ وَالْغَائِبِينَ، فَلِذَلِكَ كَانَ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطُّرُقِ فِي الْقَضَاءِ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ؛
لِمَا فِيهِ مِنْ إيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَدَرْءِ الْمَفْسَدَةِ عَنْ الظَّالِمِينَ وَالْمُبْطِلِينَ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَحَدُ الْخَصْمَيْنِ هَهُنَا ظَالِمٌ أَوْ مُبْطِلٌ وَتَجِبُ إزَالَةُ الظُّلْمِ وَالْبَاطِلِ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا بِجَهْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الْمَفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ مُرْتَكِبًا آثِمًا أَوْ غَيْرَ آثِمٍ.
وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لِمَا فِي تَأْخِيرِهِ إلَى حُضُورِهِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْمَفْسَدَةِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ تَضَرَّرَتْ الْمَرْأَةُ بِبَقَائِهَا فِي قُيُودِ نِكَاحٍ مُرْتَفِعٍ، وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ التَّزَوُّجِ وَلَا مِمَّا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ الْخَلِيَّاتُ، وَإِنْ كَانَتْ بِعَتَاقٍ تَضَرَّرَتْ الْأَمَةُ وَالْعَبْدُ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهِمَا إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ تَضَرَّرَ رَبُّهَا بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِدَيْنٍ تَضَرَّرَ رَبُّهُ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ وَعَدَمِ الِارْتِفَاقِ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ فِي إقَامَةِ الْحُجَجِ، فَإِنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ فِي إقَامَةِ الْحُجَجِ عَلَى الْغَائِبِ كَالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى الْحَاضِرِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْحَاضِرُ يُنَاضِلُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُعَارَضَاتِ، وَالْجَرْحُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ. قُلْنَا: لَا يَجُوزُ تَرْكُ مَا وَجَبَ ظُهُورُهُ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ لِاحْتِمَالِ الْأَصْلِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَاكِمُ يُنَاضِلُ عَنْ الْغَائِبِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَلِذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي، وَلَا يَجُوزُ إهْمَالُ الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ لِمُجَرَّدِ الْأَوْهَامِ وَالظُّنُونِ الضَّعِيفَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ عَلَى الظَّنِّ الضَّعِيفِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا الْمَعْنَى بِالظَّالِمِ وَالْمُبْطِلِ فِي هَذَا الْبَابِ؟ قُلْنَا: أَمَّا الظَّالِمُ فَهُوَ ظَالِمٌ بِأَنَّهُ عَاصٍ لِلَّهِ بِجُحُودِهِ وَإِنْكَارِهِ وَمَنْعِ الْحَقِّ مِنْ مُسْتَحَقِّهِ، فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطُّرُقِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ، وَلَا سِيَّمَا

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست