responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 225
مَا قُلْنَا؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» .
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اطَّلَعْت عَلَى الْجَنَّةِ فَرَأَيْت أَكْثَرَهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْت عَلَى النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَهَا النِّسَاءَ» فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَحْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، إذْ لَا يَتَّصِفُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْ يَعِيشَ عَيْشَ الْفُقَرَاءِ وَيَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا فَضَلَ مِنْ عَيْشِهِ مُقَدِّمًا فَضْلَ الْبَذْلِ فَأَفْضَلَهُ، إلَّا الشُّذُوذُ النَّادِرُونَ الَّذِينَ لَا يَكَادُونَ يُوجَدُونَ، الصَّابِرُونَ عَلَى الْفَقْرِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، وَالرَّاضُونَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ.
وَيُحَقِّقُ هَذَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ قَبْلَ الْغِنَى قَائِمًا بِوَظَائِفِ الْفُقَرَاءِ فَلَمَّا أَغْنَاهُ اللَّهُ قَامَ بِوَظَائِفِ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، فَكَانَ غَنِيًّا فَقِيرًا صَبُورًا شَكُورًا رَاضِيًا بِعَيْشِ الْفُقَرَاءِ جَوَادًا بِأَفْضَلِ جُودِ الْأَغْنِيَاءِ.

وَمِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ احْتِقَارُ مَا حَقَّرَهُ اللَّهُ مِنْ الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا، وَتَعْظِيمُ مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ مِنْ الْفَقْرِ وَالذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَالْغُرْبَةِ وَعَدَمِ الْجَاهِ وَالْمَالِ: لِأَنَّ الْغِنَى بِالْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ أَفْضَلُ وَأَلَذُّ مِنْ الْغِنَى بِالْجَاهِ وَالْأَمْوَالِ، وَالْبَذْلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْفَقْرُ غِنًى، وَالْغُرْبَةُ لِأَجَلِهِ اسْتِيطَانٌ.
لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فَهُوَ فِي أَفْضَلِ الْأَوْطَانِ، وَإِنْ عَظُمَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ فَأَعْظِمْ بِهِ مِنْ خُسْرَانٍ.
وَمِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ أَنْ نُكْثِرَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِقُلُوبِنَا فَإِنَّهُ مِنْ الْمُثْمِرِ لِلْأَحْوَالِ عِنْدَ ذِي الْجَلَالِ مِنْ ذِكْرِ اللِّسَانِ، وَأَنْ نَخْتَارَ مِنْ الْمَعَارِفِ أَفْضَلَهَا فَأَفْضَلَهَا، وَمِنْ الْأَحْوَالِ أَكْمَلَهَا فَأَكْمَلَهَا، وَأَنْ نَحْفَظَ الْأَوْقَاتِ فَلَا نَصْرِفُ شَيْئًا إلَّا

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست