responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 206
وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا، فَلَا يُكَلِّفُ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ مِنْ الْخُيُورِ وَالطَّاعَاتِ إلَّا مَا يُطِيقُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَدِّي إلَى الْمَلَالَةِ وَالسَّآمَةِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قِيَامِ اللَّيْلِ: «لِيَصِلَ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا وَجَدَ كَسَلًا أَوْ فُتُورًا فَلْيَقْعُدْ - أَوْ قَالَ فَلْيَرْقُدْ» - وَمَنْ تَكَلَّفَ مِنْ الْعِبَادَةِ مَا لَا يُطِيقُهُ، فَقَدْ تَسَبَّبَ إلَى تَبْغِيضِ عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمَنْ قَصَّرَ عَمَّا يُطِيقُهُ، فَقَدْ ضَيَّعَ حَظَّهُ مِمَّا نَدَبَهُ اللَّهُ إلَيْهِ وَحَثَّهُ عَلَيْهِ، قَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّنَطُّعِ فِي الدِّينِ وَقَدْ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» ، «وَأَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْتِزَامَهُ قِيَامَ اللَّيْلِ، وَصِيَامَ النَّهَارِ، وَاجْتِنَابَ النِّسَاءِ وَقَالَ لَهُ أَرَغِبْت عَنْ سُنَّتِي؟ فَقَالَ: بَلْ سُنَّتَك أَبْغِي، قَالَ: فَإِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابَهُ عَمَّا عَزَمُوا عَلَيْهِ: مِنْ سَرْدِ الصَّوْمِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالِاخْتِصَاءِ، وَكَانُوا قَدْ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ الْفِطْرَ وَالنَّوْمَ ظَنًّا أَنَّهُ قُرْبَةً إلَى رَبِّهِمْ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَاعْتِدَاءٌ عَمَّا شَرَعَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] وَالتَّقْدِيرُ وَلَا تُحَرِّمُوا تَنَاوُلَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالنِّكَاحِ وَلَا تَعْتَدُوا بِالِاخْتِصَاءِ، إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُخْتَصِّينَ، أَوْ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ بِالِاخْتِصَاءِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَلَا تَعْتَدُوا بِمَا الْتَزَمْتُمُوهُ: أَيْ وَلَا تَعْتَدُوا الِاقْتِصَادَ إلَى السَّرَفِ، وَإِنَّمَا عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ تَحْبِيبًا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا يُحِبُّ مَنْ اعْتَدَى حُدُودَهُ، وَمَا رَسَمَهُ مِنْ الِاقْتِصَادِ فِي أُمُورِ الدِّينِ.
وَلِلِاقْتِصَادِ أَمْثِلَةٌ: فِي اسْتِعْمَالِ مِيَاهِ الطَّهَارَةِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْمَاءِ إلَّا قَدْرُ الْإِسْبَاغِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّاعِ فِي الْغُسْلِ، لِأَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ «كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» ، وَلِلْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسَلِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست