responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 99
وَالْأَرْوَاحِ أَكْمَلُ مَصْلَحَةً مِنْ مَفْسَدَةِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةٍ لَا يَعْتَقِدُهَا الْجَنَانُ، وَلَوْ صَبَرَ عَلَيْهَا لَكَانَ أَفْضَلَ لِمَا فِيهِ مِنْ اعْتِزَازِ الدِّينِ وَإِجْلَالِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالتَّغْرِيرُ بِالْأَرْوَاحِ فِي إعْزَازِ الدِّينِ جَائِزٌ، وَأَبْعَدَ مَنْ أَوْجَبَ التَّلَفُّظَ بِهَا.

الْمِثَالُ الثَّانِي: مَا يَكْفُرُ بِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُنَاقِضَةِ لِلتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ إذَا فَعَلَهُ بِالْإِكْرَاهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْكُفْرِ بِالْجَنَانِ، وَلَا عَلَى جَحْدِ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ؛ إذْ لَا اطِّلَاعَ لِلْمُكْرَهِ عَلَى مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْجَنَانُ مِنْ كُفْرٍ وَإِيمَانٍ وَجَحْدٍ وَعِرْفَانٍ.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ مَفْسَدَةٌ مَكْرُوهَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ، أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْمَكْرُوهِ، لِأَنَّ تَحَمُّلَ مَشَقَّةِ الْمَكْرُوهِ، أَوْلَى مِنْ تَحَمُّلِ مَفْسَدَةِ تَفْوِيتِ الْوَاجِبِ. فَإِنْ قِيلَ هَلَّا حَرَّمْتُمْ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَضْرَارِ بِإِفْسَادِ الْأَجْسَادِ، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَلَا أَهْلَ الْفَسَادِ؟ قُلْنَا أَسْبَابُ الضَّرَرِ أَقْسَامٌ: - أَحَدُهَا مَا لَا يَخْتَلِفُ مُسَبِّبُهُ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يَقَعَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ أَوْ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ؛ كَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ وَشُرْبِ السُّمُومِ الْمُذَفَّفَةِ، وَالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ، فَهَذَا مَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ فِي حَالِ اخْتِيَارٍ وَلَا فِي حَالِ إكْرَاهٍ؛ إذْ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ قَتْلُ نَفْسِهِ بِالْإِكْرَاهِ، وَلَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ لَا يُطِيقُهُ لِفَرْطِ أَلَمِهِ لَمْ يَجُزْ قَتْلُ نَفْسِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الزِّنَا وَاللِّوَاطِ بِشَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِ الْإِكْرَاهِ، وَلَوْ وَقَعَ بِرُكْبَانِ السَّفِينَةِ نَارٌ لَا يُرْجَى الْخَلَاصُ مِنْهَا فَعَجَزُوا عَنْ الصَّبْرِ عَلَى تَحَمُّلِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا نَجَاةَ لَهُمْ مِنْ آلَامِهَا إلَّا بِالْإِلْقَاءِ فِي الْمَاءِ الْمُغْرِقِ؛ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ الصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ، إذْ اسْتَوَتْ مُدَّتَا الْحَيَاةِ فِي الْإِحْرَاقِ وَالْإِغْرَاقِ، لِأَنَّ إقَامَتَهُمْ فِي النَّارِ سَبَبٌ مُهْلِكٌ لَا انْفِكَاكَ عَنْهُ.
وَكَذَلِكَ إغْرَاقُ أَنْفُسِهِمْ فِي الْمَاءِ لَا انْفِكَاكَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الصَّبْرُ عَلَى شِدَّةِ الْآلَامِ إذَا تَضَمَّنَ الصَّبْرُ عَلَى شِدَّتِهَا بَقَاءَ الْحَيَاةِ،

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست