responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 38
مِنْهُ» وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَشَاقَّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَشَاقٌّ تَسُوءُ الْمُؤْمِنَ وَغَيْرَهُ، وَإِنَّمَا يَهُونُ أَمْرُهَا لِمَا يُبْتَنَى عَلَى تَحَمُّلِهَا مِنْ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، وَيَكُونُ قَلِيلُ الْعَمَلِ الْبَدَنِيِّ أَفْضَلَ مِنْ كَثِيرِهِ، وَخَفِيفُهُ أَفْضَلَ مِنْ ثَقِيلِهِ، كَتَفْضِيلِ الْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ، وَكَتَفْضِيلِ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَعَ نَقْصِ رَكَعَاتِهَا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ مَنْ رَآهَا الصَّلَاةَ الْوُسْطَى، مَعَ أَنَّهَا أُقْصَرُ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يُؤْتِي فَضْلَهُ مَنْ يَشَاءُ، وَلَوْ كَانَ الثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ مُطْلَقًا، لَمَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَلَمَا فَضُلَتْ رَكْعَةُ الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَلَمَا فَضُلَتْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ عَلَى مِثْلِهَا مِنْ الرَّوَاتِبِ.
وَأَمَّا الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْمُبَادَرَةِ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَةٍ مَرْجُوحَةٍ، فَإِنَّ الْمَشْيَ إلَى الْجَمَاعَاتِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ يُشَوِّشُ الْخُشُوعَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ، فَقُدِّمَ الْخُشُوعُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْضَلِ أَوْصَافِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ الَّتِي لَا تُدَانِيهِ فِي الرُّتْبَةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى أُمِرَ بِالْمَشْيِ إلَى الْجَمَاعَةِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ النِّدَاءِ وَتَكْمِيلِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَسْرَعَ لَانْزَعَجَ وَذَهَبَ خُشُوعُهُ؛ فَقَدَّمَ الشَّرْعُ رِعَايَةَ الْخُشُوعِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَعَلَى الِاقْتِدَاءِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَكَذَلِكَ تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ بِكُلِّ مَا يُشَوِّشُ الْخُشُوعَ كَإِفْرَاطِ الظَّمَأِ وَالْجُوعِ، وَكَذَلِكَ يُؤَخِّرُهَا الْحَاقِنُ وَالْحَاقِبُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ بِكُلِّ مُشَوِّشٍ يُؤَخِّرُ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ بِمِثْلِهِ.
وَكَذَلِكَ تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ إلَى آخَرِ الْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ مَنْ يَتَيَقَّنُ وُجُودَ الْمَاءِ فِي أَوَاخِرِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِنَّمَا فَضُلَتْ لِأَنَّ اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِشَرَائِط الْعِبَادَاتِ أَعْظَمُ مِنْ اهْتِمَامِهِ بِالسُّنَنِ الْمُكَمِّلَاتِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَاءِ لَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ، وَالْقَادِرُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إلَى الْجَمَاعَاتِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمُبَادَرَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَبَيْنَ التَّأْخِيرِ وَالِانْفِرَادِ، وَلَوْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الْمُبَادَرَةِ كَمَصْلَحَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لَتَعَيَّنَتْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا يَتَعَيَّنُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا تَحَمَّلَ الصَّائِمُ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست