responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 33
وَالْمَحْجُوجُ عَنْهُ فِي مَقَاصِدِ الْحَجِّ؟ قُلْنَا: قِيلَ يَسْتَوِيَانِ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْأَجْرِ، وَأَيْنَ مُجَرَّدُ بَذْلِ الْأُجْرَةِ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَجِّ وَالْقِيَامِ بِأَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ مَعَ تَحَمُّلِ مَشَقَّتِهِ، وَمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَالتَّنَاوُشِ وَالِاسْتِكَانَةِ وَالتَّعْظِيمِ، وَهَكَذَا الْأَبْدَالُ كُلُّهَا لَا تُسَاوِي مُبْدَلَاتِهَا، فَلَيْسَ التَّيَمُّمُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَلَيْسَ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ كَإِعْتَاقِهَا وَلَا إطْعَامُهَا كَصِيَامِهَا، وَلَا تَسَاوَتْ الْأَبْدَالُ وَالْمُبْدَلَاتُ فِي الْمَصَالِحِ لِمَا فِي شَرْطِ الِانْتِقَالِ إلَى أَحَدِهِمَا مِنْ فَقْدِ الْآخَرِ.
فَإِنْ قِيلَ لَوْ حَصَلَ لِلْأَجِيرِ عَلَى الْحَجِّ تَذَلُّلٌ وَتَمَسْكُنٌ وَتَنَاوُشٌ وَخُضُوعٌ وَخُشُوعٌ وَإِجْلَالٌ وَتَعْظِيمٌ وَمَهَابَةٌ وَمَحَبَّةٌ وَأُنْسٌ وَفَرَحٌ وَسُرُورٌ وَخَوْفٌ وَرَجَاءٌ وَبُكَاءٌ وَاسْتِحْيَاءٌ، فَهَلْ يَحْصُلُ أَجْرُ ذَلِكَ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ؟ قُلْنَا: لَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَرْكَانِ الْحَجِّ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَلَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ إلَّا النِّيَّةَ لِوُقُوفِ الصِّحَّةِ عَلَيْهَا، وَلَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ، بَلْ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ لِلْعَجْزِ عَنْهُ فِي الْغَالِبِ، وَعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَسُنَنِهِ.

فَإِنْ قِيلَ. مَا تَقُولُونَ فِي مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ مِسْكِينٍ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ؟ هَلْ يُسَاوِي أَجْرُهُ أَجْرَ مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ، مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ سَدَّ عَشْرَ جَوْعَاتٍ، وَالْكُلُّ عِبَادُ اللَّهِ، وَالْفَرْضُ الْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ تَحْصِيلِ هَذِهِ الْمَصَالِحِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَحَالَّ مُتَعَدِّدَةٍ؟ قُلْنَا لَا يَسْتَوِيَانِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ وَلِيٌّ لِلَّهِ أَوْ أَوْلِيَاءٌ لَهُ فَيَكُونُ إطْعَامُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ تَكْرِيرِ إطْعَامِ وَاحِدٍ.
وَقَدْ حَثَّ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْإِحْسَانِ إلَى الصَّالِحِينَ بِقَوْلِهِ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْجَمَاعَةِ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ، كَمَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا بَلَغُوا أَرْبَعِينَ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَائِهِمْ إذَا نَقَصُوا عَنْ ذَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث، وَلِمِثْلِ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست