responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 32
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَقَالُوا مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ ، فَقَالَ هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا لَا قَالَ فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لَيْسَ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ» ، وَهُوَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِكُلِّ مُجْتَازٍ بِالطَّرِيقِ بِإِزَالَةِ الشَّوْكِ وَالْأَحْجَارِ وَالْأَقْذَارِ مَعَ مَشَقَّةِ ذَلِكَ وَخِفَّةِ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْإِيمَانِ.

فَإِنْ قِيلَ هَلْ تَتَفَاوَتُ رُتَبُ الْمَعَارِفِ وَالْإِيمَانِ بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، كَمَا تَفَاوَتَتْ رُتَبُ الْعِبَادَاتِ بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ؟ قُلْنَا نَعَمْ فَإِنَّ الْإِيمَانَ الْأَوَّلَ وَالتَّعَرُّفَ الْأَوَّلَ مَفْرُوضٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَاسْتِحْضَارُهَا بَعْدَ ذَلِكَ نَفْلٌ لَا يَلْزَمُ تَعَاطِيهِ، فَيَكُونُ تَفَاوُتُهُمَا لِسَبَبِ الْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ لَا بِتَفَاوُتِ شَرَفِهِمَا فِي أَنْفُسِهِمَا فَإِنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الشَّرَفِ وَالْكَمَالِ، إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ وُجُوبِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا التَّفَاوُتُ فِي الْأَحْوَالِ فَظَاهِرٌ فَإِنَّ مَرْتَبَةَ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ أَكْمَلُ مِنْ مَرْتَبَةِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، لِأَنَّ الْإِعْظَامَ وَالْإِجْلَالَ صَدَرَا عَنْ مُلَاحَظَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ فَكَانَ لَهُمَا شَرَفَانِ: أَحَدُهُمَا مِنْ مَصْدَرِهِمَا، وَالثَّانِي مِنْ تَعَلُّقِهِمَا.
وَأَمَّا الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ فَإِنَّ الْخَوْفَ صَدَرَ عَلَى مُلَاحَظَةِ الْعُقُوبَاتِ وَالرَّجَاءَ صَدَرَ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْمَثُوبَاتِ، وَتَعَلَّقَا بِمَا صَدَرَا عَنْهُ فَانْحَطَّا عَنْ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ بِمَرْتَبَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ رُتْبَةُ الْمَحَبَّةِ الصَّادِرَةِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْإِنْعَامِ وَالْأَفْضَالُ مُنْحَطَّةٌ عَنْ رُتْبَةِ الْمَحَبَّةِ الصَّادِرَةِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ، لِصُدُورِ تِلْكَ الْمَحَبَّةِ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْأَغْيَارِ، وَصُدُورِ مَحَبَّةِ الْإِجْلَالِ عَنْ مُلَاحَظَةِ أَوْصَافِ الْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، وَالتَّعْظِيمُ وَالْمَهَابَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَحَبَّةِ الصَّادِرَةِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ لِمَا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ اللَّذَّةِ بِجَمَالِ الْمَحْبُوبِ، بِخِلَافِ الْمُعَظِّمِ الْهَائِبِ فَإِنَّ الْهَيْبَةَ وَالتَّعْظِيمَ يَقْتَضِيَانِ التَّصَاغُرَ وَالِانْقِبَاضَ، وَلَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِي ذَلِكَ فَخَلَصَ لِلَّهِ وَحْدَهُ.

فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَسْتَوِي الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست