نام کتاب : قواطع الأدلة في الأصول نویسنده : السمعاني، أبو المظفر جلد : 1 صفحه : 485
وأما دليلنا نقول أن الأدلة للإجماع ولا تخص عصرا دون عصر فإن قوله عز وجل: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] لا يختص بعصر الصحابة رضي الله عنهم لأن التابعين من المؤمنين وكذلك أهل كل عصر وكذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: 143] وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على الضلالة" [1] ليس لشيء من هذا اختصاص بعصر دون عصر ولأنه لما كان نقل أهل كل عصر الأخبار كنقل الصحابة في أحكام التواتر والآحاد وجب أن يكون في الإجماع بمثابته ليكون كل خلف محجوبا بسلفهم وليكون الشرع محفوظا من الخطأ والغلط.
ببينة: أن أهل كل عصر حجة على من بعدهم في البلاغ فكذلك وجب أن يكونوا حجة في الإجماع.
وأما الجواب عن تعلقهم قلنا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: 143] وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] خطاب لجميع الأمة بإجماع الأمة.
ببينة: أنه وصفهم بما وصفهم في الآيتين لانتسابهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكونهم من أمته ولأنهم قد دانوا لشريعته وهم أتباعه في الأقوال والأفعال وهذا المعنى موجود في أهل جميع الأعصار إلى قيام الساعة ولهذا المعنى لم ينقل عن أحد من السلف والخلف أنه حمل الآية على أهل عصر الصحابة دون من بعدهم وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" [2] فمعنى ذلك من أحد وجهين أما أنه ورد ليبين أن قول كل واحد منهم حجة وهذا صحيح على قول الشافعي رحمه الله وهو محمول على أن لمن بعد الصحابة أن يرجعوا إلى قول كل واحد من الصحابة فيما يرويه عن الرسول صلى الله عليه وسلم والدليل على أن معنى هذا الخبر ليس الإجماع أنه قال: "بأيهم اقتديتم اهتديتم" [3] وقوله بأيهم يتناول الآحاد ولا يتناول جماعتهم وأما قولهم أن الصحابة اختصوا بعصر الرسول صلى الله عليه وسلم ومشاهدته قلنا ولم ينبغي أنهم إذا كانوا كذلك وجب لأن يختصوا بكون إجماعهم حجة دون من بعدهم إذ ليس في اختصاصهم بما اختصوا به ما يدل على اختصاصهم بكون إجماعهم حجة دون من سواهم والله أعلم. [1] تقدم تخريجه. [2] تقدم تخريجه. [3] تقدم تخريجه.
نام کتاب : قواطع الأدلة في الأصول نویسنده : السمعاني، أبو المظفر جلد : 1 صفحه : 485