نام کتاب : قواطع الأدلة في الأصول نویسنده : السمعاني، أبو المظفر جلد : 1 صفحه : 221
هاهنا لأنا قد بينا أن الجميع قد صار بمنزلة الجملة الواحدة فلأنه أن كان فى انصرافه إلى الجملة الأولى شك فكذلك فى انصرافه إلى الجملة التى تليه شك أيضا لأنه يحتمل أن ينصرف الاستثناء إلى ما تقدم ذكره ولا ينصرف إلى ما يليه ألا ترى إلى ما روى فى بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلم فى عبده ولا فى فرسه صدقة إلا صدقة الفطر" [1] وقوله إلا صدقة الفطر ينصرف إلى الأول.
وقال عامة أهل التفسير فى قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء: 83] أنه استثناء من قوله عز وجل: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فهذا موضع الاستثناء بقوله إلا قليلا.
والجواب المعنوى أنه لاشك فى واحد من الردين سواء رد إلى ما يليه أو إلى ما تقدم بل الموجود فى الكل احتمال الرد إليه وصلاحية الرجوع عليه وهذا القدر كاف فى رد الاستثناء إلى المذكور.
فإن قيل كيف تستوى الجملة الأولى والجملة الثانية وفى الجملة الثانية لم يقع فصل بينهما وبين الاستثناء وأما فى الجملة الأولى قد وقع الفصل بينهما وبين الاستثناء بالجملة الثانية ووقوع الفصل مانع من رد الاستثناء إليها.
قلنا قد أجبنا عن هذا بقولنا أن الجميع قد صار بمنزلة الجملة الواحدة ثم نقول بجواز أن يقع فصل بين الكلامين بواو النسق ثم يرد الآخر منهما على الأول دون ما يليه ويعطف عليه بإعرابه ما عداه كقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] فمن قرأ بفتح اللام تسبق الأرجل على الوجه وقد قطع بينهما ذكر مسح الرأس وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر:87] فقد فتح النون ورده بعد واو النسق على أول الكلام ثم ينتقض هذا الذى ذكروه بالشرط والاستثناء بمشيئة الله.
وأما قولهم أنه إنما يرد الاستثناء إلى ما سبق ليفيد.
قلنا ينتقض هذا بالشرط والاستثناء بمشيئة الله تعالى فإنه غير مقيد ولا مستقل بنفسه. [1] أخرجه البخاري الزكاة 3/383 ح 1464 ومسلم الزكاة 2/676 ح 9/982 10/982 وأبو داود الزكاة 2/110 ح 1595 والنسائي الزكاة 5/25 باب زكاة الخيل.
نام کتاب : قواطع الأدلة في الأصول نویسنده : السمعاني، أبو المظفر جلد : 1 صفحه : 221