responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 441
وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِشُبْهَةِ الْبَعْضِيَّةِ الثَّابِتَةِ بِنُشُوءِ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتِ اللَّحْمِ لَكِنَّهُ أَمْرٌ مُبْطَنٌ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِفِعْلِ الْإِرْضَاعِ، وَمَا رَوَاهُ مَرْدُودٌ بِالْكِتَابِ أَوْ مَنْسُوخٌ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ لِمَا نُبَيِّنُ. .

(ثُمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا سَنَتَانِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ فِي حَدِيثِ سَهْلَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُرِدْ أَنْ يُشْبِعَ سَالِمًا خَمْسَ شَبْعَاتٍ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ مُتَفَاصِلَاتٍ جَائِعًا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُشْبِعُهُ مِنْ اللَّبَنِ رِطْلٌ وَلَا رِطْلَانِ فَأَيْنَ تَجِدُ الْآدَمِيَّةُ فِي ثَدْيِهَا قَدْرَ مَا يُشْبِعُهُ؟ هَذَا مُحَالٌ عَادَةً، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْدُودَ خَمْسًا فِيهِ الْمَصَّاتُ، ثُمَّ كَيْفَ جَازَ أَنْ يُبَاشِرَ عَوْرَتَهَا بِشَفَتَيْهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ تَحْلُبَ لَهُ شَيْئًا مِقْدَارُهُ خَمْسُ مَصَّاتٍ فَيَشْرَبُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ.
هَذَا وَهُوَ مَنْسُوخٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] تَقَدَّمَ فِي اسْتِدْلَالِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» فَحَدِيثٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَشْهُورٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِشُبْهَةِ الْبَعْضِيَّةِ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرَّضَاعِ لِاخْتِلَاطِ الْبَعْضِيَّةِ بِسَبَبِ النُّشُوءِ الْكَائِنِ عَنْهُ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ بِأَدْنَى شَيْءٍ.
أَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَفِيٌّ وَالْأَحْكَامُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا لِخَفَائِهَا بَلْ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ وَهُوَ فِعْلُ الِارْتِضَاعِ، فَلَوْ قَالَ: الظَّاهِرُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَظِنَّةً لِلْحِكْمَةِ وَمُطْلَقُهُ لَيْسَ مَظِنَّةَ النُّشُوءِ فَلَا يَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِهِ. قُلْنَا: وَلَا يَتَوَقَّفُ النُّشُوءُ عَلَى خَمْسٍ مُشْبِعَاتٍ بَلْ وَاحِدَةٌ تُفِيدُهُ، فَالتَّعَلُّقُ بِخَمْسٍ زِيَادَةٌ تَسْتَلْزِمُ تَأْخِيرَ الْحُرْمَةِ عَنْ وَقْتِ تَعَلُّقِهَا. وَالْحَقُّ أَنَّ الرَّضَاعَ وَإِنْ قَلَّ يَحْصُلُ بِهِ نُشُوءٌ بِقَدْرِهِ فَكَانَ الرَّضَاعُ مُطْلَقًا مَظِنَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّغِيرِ.
وَقَوْلُنَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَسْنَدَ الرِّوَايَةَ عَنْهُمَا بِهِ النَّسَائِيّ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لِلْبَعْضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِشُبْهَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَإِقَامَةُ السَّبَبِ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ إنَّمَا هِيَ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، أَمَّا فِي الرَّضَاعِ فَحَقِيقَةُ الْجُزْئِيَّةِ بِاللَّبَنِ هِيَ الْمُحَرَّمَةُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ التَّحْرِيمُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ اللَّبَنِ فِي الْجَوْفِ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ كَانَ الْمُحَرَّمُ شُبْهَتَهَا: أَيْ مَا يَئُولُ إلَى الْجُزْئِيَّةِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ الْمُوجِبُ لِلتَّحْرِيمِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَهِيَ قَوْلُهُ (ثُمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ) الَّتِي إذَا وَقَعَ الرَّضَاعُ فِيهَا تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ (ثَلَاثُونَ شَهْرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا: سَنَتَانِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَقَالَ زُفَرُ: ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَنَتَانِ وَشَهْرٌ، وَفِي أُخْرَى شَهْرَانِ، وَفِي أُخْرَى مَا دَامَ مُحْتَاجًا إلَى اللَّبَنِ غَيْرَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَدَّ لَهُ لِلْإِطْلَاقَاتِ فَيُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَلَوْ فِي حَالِ الْكِبَرِ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَالَ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 441
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست