responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 171
فَلَا يَتَعَلَّقُ الْجَوَازُ بِتَقْدِيمِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ، بِخِلَافِ السَّعْيِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّوَافِ لِأَنَّهُ دُونَهُ، وَالْمَرْوَةُ عُرِفَتْ مُنْتَهَى السَّعْيِ بِالنَّصِّ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهَا الْبُدَاءَةُ.

قَالَ (وَمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَإِنَّهُ لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) وَفِي الْأَصْلِ خَيَّرَهُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» بِصِيغَةِ الْأَمْرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَخْرِيجِهِ، فَالتَّرْتِيبُ الْوَاقِعُ فِعْلًا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى السُّنَّةِ إذْ مُجَرَّدُ الْفِعْلِ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا التَّقْرِيرُ مَنْعَ مَا قِيلَ مِنْ قِبَلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ قُرْبَةٌ وَاحِدَةٌ بِدَلِيلِ لُزُومِ دَمٍ وَاحِدٍ فِي تَرْكِ كُلِّهَا. قُلْنَا: إقَامَتُهَا فِي أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ ظَاهِرٌ فِي التَّعَدُّدِ فَيَجِبُ الْبَقَاءُ مَعَهُ حَتَّى يُوجِبَ الْخُرُوجَ عَنْهُ مُوجِبٌ، وَتَمَاثُلُ الْأَعْمَالِ لَا يُوجِبُهُ بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالتَّعَدُّدِ مِنْ الْأَسَابِيعِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنْ الطَّوَافِ لِأَنَّهَا تُقَامُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَاتِّحَادُ الدَّمِ لَيْسَ لِلْوَحْدَةِ الْحَقِيقِيَّةِ شَرْعًا بَلْ يَثْبُتُ مَعَ التَّعَدُّدِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي الْجِنَايَاتِ رَحْمَةً وَفَضْلًا عَلَى مَا عُرِفَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ وَزْنًا غَيْرَ الْمُحْصَنِ مِرَارًا إذَا ثَبَتَتْ كُلُّهَا يَلْزَمُ مُوجِبٌ وَاحِدٌ، فَكَذَا الدَّمُ لِأَنَّ لُزُومَهُ مُوجِبٌ جِنَايَةً.
وَلَوْ سَلِمَ اعْتِبَارُهَا وَاحِدَةً فِي حَقِّ حُكْمٍ لَا يَلْزَمُ اعْتِبَارُهَا كَذَلِكَ فِي حَقِّ كُلِّ حُكْمٍ مَعَ قِيَامِ التَّعَدُّدِ الْحَقِيقِيِّ بَلْ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، هَذَا مَعَ أَنَّ الْمَعْقُولَ فِي مَحَلِّ اعْتِبَارِهَا وَاحِدَةً وَهُوَ مَوْضِعُ الْجِنَايَةِ الْحُكْمُ بِتَدَاخُلِهَا فَضْلًا وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي تَرْكِ التَّرْتِيبِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَإِنَّهُ لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) وَهَذَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقُرْبَةَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَتَلْزَمُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَالْتِزَامِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ (وَفِي الْأَصْلِ خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَرْكَبَ وَبَيْنَ أَنْ يَمْشِيَ، وَهَذَا) أَعْنِي مَا فِي الْجَامِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ (إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا قُلْنَا؛ وَإِنَّمَا انْتَهَى الْمَشْيُ بِالطَّوَافِ لِأَنَّهُ مُنْتَهَى أَعْمَالِ الْحَجِّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْحَجَّ مَاشِيًا فَكَيْفَ يَكُونُ صِفَةَ كَمَالٍ؟ قُلْنَا إنَّمَا كَرِهَهُ إذَا كَانَ مَظِنَّةَ سُوءِ خُلُقِ الْفَاعِلِ لَهُ كَأَنْ يَكُونَ صَائِمًا مَعَ الْمَشْيِ أَوْ مِمَّنْ لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلْمَأْثَمِ مِنْ مُجَادَلَةِ الرَّفِيقِ وَالْخُصُومَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ وَالتَّذَلُّلِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ: مَا أَسِفْت عَلَى شَيْءٍ كَأَسَفِي عَلَى أَنْ لَمْ أَحُجَّ مَاشِيًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ الْمُشَاةَ فَقَالَ تَعَالَى {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: 27] وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَجَّ مَاشِيًا كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست