responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 158
يَحُجُّ بِنَفْسِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ.

قَالَ (وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ عَنْ أَبَوَيْهِ يَجْزِيهِ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّمَا يَجْعَلُ ثَوَابَ حَجِّهِ لَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْحَجِّ فَلَغَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ أَدَائِهِ، وَصَحَّ جَعْلُهُ ثَوَابَهُ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ، بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ عَلَى مَا فَرَّقْنَا مِنْ قَبْلُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ جَمِيعَ الثُّلُثِ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ، فَمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ يَجِبُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْمَالُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِلْمُوصِي بَلْ مَقْصُودُهُ الْحَجُّ بِهِ. فَإِذَا لَمْ يُفِدْ هَذَا التَّعْيِينُ هَذَا الْمَقْصُودَ صَارَ كَعَدَمِهِ، وَمَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ كَانَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا هَلَكَ قَبْلَ هَذَا الْإِفْرَازِ وَالْوَصِيَّةُ بَاقِيَةٌ بَعْدُ بِالْإِحْجَاجِ مُطْلَقًا فَيَنْصَرِفُ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي إذَا صَارَ الْهَالِكُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ مَحَلُّهَا ثُلُثَهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَمَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ هَلْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا فَقَالَا لَا وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَقَالَ نَعَمْ وَهُوَ قِيَاسٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَوْجَهُ وَهُمَا هُنَا أَوْجَهُ. لَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ. صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَلَهُمَا فِي أَنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ خَرَجَ حَاجًّا فَمَاتَ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْحَاجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فَمَاتَ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْمُعْتَمِرِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْغَازِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَبَقِيَّةُ رُوَاتِهِ ثِقَاتٌ. وَأَنْتَ قَدْ أَسْمَعْنَاك أَنَّ الْحَقَّ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ ثِقَةٌ أَيْضًا. ثُمَّ مَا رَوَاهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى انْقِطَاعِ الْعَمَلِ وَالْكَلَامُ فِي بُطْلَانِ الْقَدْرِ الَّذِي وُجِدَ فِي حُكْمِ الْعِبَادَةِ وَالثَّوَابِ وَهُوَ غَيْرُهُ وَغَيْرُ لَازِمِهِ، لِأَنَّ انْقِطَاعَ الْعَمَلِ لِفَقْدِ الْعَامِلِ لَا يَسْتَلْزِمُ مَا كَانَ قَدْ وُجِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] فِيمَا كَانَ مُعْتَدًّا بِهِ حِينَ وُجِدَ ثُمَّ طَرَأَ الْمَنْعُ مِنْهُ.
وَجَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الِانْقِطَاعِ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَالِانْقِطَاعِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ هُنَا كَمَنْ صَامَ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ حَضَرَهُ الْمَوْتُ يَجِبُ أَنْ يُوصِيَ بِفِدْيَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَ ثَوَابُ إمْسَاكِ ذَلِكَ الْيَوْم بَاقِيًا.

[فَرْعٌ]
مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَتَرَكَ تِسْعَمِائَةٍ فَأَنْكَرَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَاعْتَرَفَ الْآخَرُ فَدَفَعَ مِنْ حِصَّتِهِ مِائَةً وَخَمْسِينَ لِمَنْ يَحُجُّ بِهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ الْآخَرُ، فَإِنْ كَانَ حَجَّ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ يَأْخُذُ الْمُقِرُّ مِنْ الْجَاحِدِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ لِأَنَّهُ جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَبَقِيَتْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ مِيرَاثًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ حَجَّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ يَحُجُّ مَرَّةً أُخْرَى بِثَلَاثِمِائَةٍ

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ عَنْ أَبَوَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا) فَاسْتَفَدْنَا أَنَّهُ إذَا أَهَلَّ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، وَمَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ نِيَّتَهُ لَهُمَا تَلْغُو بِسَبَبِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ مِنْ قِبَلِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَتَقَعُ الْأَعْمَالُ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا يَجْعَلُ لَهُمَا الثَّوَابَ وَتَرَتُّبُهُ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَتَلْغُو نِيَّتُهُ قَبْلَهُ فَيَصِحُّ جَعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَنَفِّلًا عَنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا حَجُّ الْفَرْضِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ عَنْهُ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُوَرِّثِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَتَبَرَّعَ عَنْهُ بِالْإِحْجَاجِ أَوْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. يَجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْخَثْعَمِيَّةِ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ» الْحَدِيثَ، شَبَّهَهُ بِدَيْنِ الْعِبَادِ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى الْوَارِثُ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يَجْزِيهِ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الكمال بن الهمام    جلد : 3  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست