نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 59
فشرب الخمر أصل؛ لأنه ورد نص بحكمه وهو قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ} الدال على تحريم شربه لعلة هي الإسكار، ونبيذ التمر فرع؛ لأنه لم يرد نص بحكمه، وقد ساوى الخمر في أن كلا منها مسكر، فسوى به في أن يحرم، والأشياء الستة: الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح: أصل، لأنه ورد النص بتحريم ربا الفضل والنسيئة فيها إذا بيع كل واحد منها بجنسه، لعلة هي أنها مقدرات مضبوط قدرها بالوزن أو الكيل مع اتحاد الجنس، والذرة والأرز والفول فرع؛ لأنه لم يرد نص بحكمها، وقد ساوت الأشياء الواردة بالنص في أنها مقدرات، فسويت بها في حكمها حين المبادلة بجنسها.
أما الركنان الأولان من هذه الأركان الأربعة، وهما: الأصل والفرع، فهما واقعتان، أو محلان، أو أمران، أحدهما دل على حكمه نص والآخر لم يدل على حكمه نص ويراد معرفة حكمه، ولا تشترط فيهما شروط سوى أن الأصل ثبت حكمه بنص والفرع لم يثبت حكمه بنص ولا إجماع، ولا يوجد فرق يمنع من تساويهما في الحكم.
وأما الركن الثالث وهو حكم الأصل، فتشترط لتعديته إلى الفرع شروط؛ لأنه ليس كل حكم شرعي ثبت بالنص في واقعة يصح أن يعدى بواسطة القياس إلى واقعة أخرى؛ بل تشترط في الحكم الذي يعدى إلى الفرع بالقياس شروط:
الأول: أن يكون حكما شرعيا ثبت بالنص، فأما الحكم الشرعي العملي الذي ثبت بالإجماع ففي تعديته بواسطة القياس رأيان، أحدهما: أنه لا يصح تعديته، وهذا هو الذي أرجحه؛ لأن الإجماع كما هو مقرر لا يلتزم فيه أن يذكر مع الحكم المجمع عليه مستنده، ومن غير ذكر المستند لا سبيل إلى إدراك علة الحكم، فلا يمكن القياس على الحكم المجمع عليه، وهذا على فرض وجود حكم أجمع عليه بمعنى الإجماع في اصطلاح الأصوليين، وثانيهما: أنه يصح تعديته، قال الشوكاني: وهذا أصح القولين، وأما الحكم الشرعي الذي ثبت بالقياس، فلا يصح تعديته أصلا؛ لأن الفرع إن كان يساوي ما ثبت فيه الحكم بالقياس في العلة فهو يساوي واقعة النص في نفس العلة، ويكون الحكم المعدى بالقياس هو حكم النص، وإن كان لا يساويه في العلة فلا يصح أن يساويه في الحكم، وعلى هذا لا يصح أن يقال: حرم نبيذ التفاح قياسا على نبيذ التمر الثابت حكمه بالقياس على الخمر،
نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 59