نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 57
وما أنكر الرسول في حياته على من اجتهد من صحابته، وما أنكر بعض الصحابة على بعض اجتهاد الرأي وقياس الأشباه بالأشباه، فإنكار حجية القياس تخطئة لما سار عليه الصحابة في اجتهادهم وما قرروه بأفعالهم وأقوالهم.
4- وأما المعقول فأظهر أدلتهم منه ثلاثة:
أولها: أن الله سبحانه ما شرع حكما إلا لمصلحة، وأن مصالح العباد هي الغاية المقصودة من تشريع الأحكام، فإذا ساوت الواقعة التي لا نص فيها الواقعة المنصوص عليها في علة الحكم التي هي مظنة المصلحة قضت الحكمة والعدالة أن تساويها في الحكم تحقيقا للمصلحة التي هي مقصود الشارع من التشريع، ولا يتفق وعدل الله، وحكمته أن يحرم شرب الخمر لإسكاره محافظة على عقول عباده، ويبيح نبيذا آخر فيه خاصية الخمر وهي الإسكار؛ لأن مآل هذا المحافظة على العقول من مسكر، وتركها عرضة للذهاب بمسكر آخر.
وثانيها: أن نصوص القرآن والسنة محدودة ومتناهية، ووقائع الناس وأقضيتهم غير محدودة ولا متناهية، فلا يمكن أن تكون النصوص المتناهية وحدها هي المصدر التشريعي لما لا يتناهى، فالقياس هو المصدر التشريعي الذي يساير الوقائع المتجددة، ويكشف حكم الشريعة فيما يقع من الحوادث، ويوفق بين التشريع والمصالح.
وثالثها: أن القياس دليل تؤيده الفطرة السلمية والمنطق الصحيح، فإن من نهى عن شراب؛ لأنه سام يقيس بهذا الشراب كل شراب سام، ومن حرم عليه تصرف؛ لأن فيه اعتداء وظلما لغيره يقيس بهذا كل تصرف فيه اعتداء وظلم لغيره، ولا يعرف بين الناس اختلاف في أن ما جرى على أحد المثلين يجري على الآخر ما دام لا فارق بينهما.
بعض شبه نفاة القياس:
من أظهر شبههم قولهم: إن القياس مبني على الظن بأن علة حكم النص هي كذا والمبني على الظن ظني، والله سبحانه نعى على من يتبعون الظن وقال سبحانه: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ، فلا يصح الحكم بالقياس؛ لأنه اتباع الظن.
نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 57