نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 55
النظير يجري على نظيره، ألا ترى أنه إذا فصل موظف من وظيفته بأنه ارتشي فقال الرئيس لإخوانه الموظفين: إن في هذا لعبرة لكم واعتبروا. لا يفهم من قوله إلا أنكم مثله فإن فعلتم فعله عوقبتم عقابه.
الآية الثالثة: قوله تعالى في سورة يس: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} جوابًا لمن قال: من يحيي العظام وهي رميم؟ ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الله سبحانه استدل على ما أنكره منكرو البعث بالقياس، فإن الله سبحانه قاس إعادة المخلوقات بعد فنائها على بدء خلقها وإنشائها أول مرة، لإقناع الجاحدين بأن من قدر على بدء خلق الشيء وإنشائه أول مرة، قادر على أن يعيده بل هذا أهون عليه، فهذا الاستدلال بالقياس إقرار لحجية القياس وصحة الاستدلال به.
وهذه الآيات الدالة على حجية القياس أيدها في دلالتها أن الله سبحانه في عدة آيات من آيات الأحكام قرن الحكم بعلته مثل قوله سبحانه في المحيض: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ، وقوله في إباحة التيمم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} ؛ لأن في هذا إرشاد إلى أن الأحكام مبنية على المصالح ومرتبطة بالأسباب، وإشارة إلى أن الحكم يوجد مع سببه وما بني عليه.
2- وأما السنة فأظهر ما استدلوا منها دليلان:
الأول: حديث معاذ بن جبل أن رسول الله لما أراد أن يبعثه إلى اليمن، قال له: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء"؟ قال: أقضي بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله، فإن لم أجد أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله على صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".
ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن رسول الله أقر معاذا على أن يجتهد إذا لم يجد نصا يقضي به في الكتاب والسنة، والاجتهاد بذل الجهد للوصول إلى الحكم، وهو يشمل القياس؛ لأنه نوع من الاجتهاد والاستدلال، والرسول لم يقره على نوع من الاستدلال دون نوع.
والثاني: ما ثبت في صحاح السنة من أن رسول الله في كثير من الوقائع التي عرضت عليه، ولم يوح إليها بحكمها استدل على حكمها بطريق القياس، وفعل الرسول في هذا المقام تشريع لأمته، ولم يقم دليل على اختصاصه به، فالقياس فيما لا نص فيه من سنن الرسول، وللمسلمين به أسوة.
نام کتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني نویسنده : عبد الوهاب خلاف جلد : 1 صفحه : 55