الباب الثاني في معاني حروف يحتاج إليها الفقيه
الواو لمطلق الجمع في الحكم دون الترتيب في الزمان:
قال جماعة من الكوفيين إنها للترتيب، لنا قوله تعالى «ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة» [1] وقوله تعالى «وقولوا حطة وادخلوا الباب» والقصة واحدة فلو كانت للترتيب لزم التناقض وهو محال، وقوله تعالى حكاية عن كفار العرب «وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم» [2] فلو كانت للترتيب لكانوا معترفين بالحياة بعد الموت والبعث، وليس كذلك، وقيل في هذه الآية إن المراد تموت كبارنا وتولد صغارنا فنحيا، فلا يلزم الاعتراف بالبعث على القول بالترتيب. والظاهر من اللفظ هو القول الأول، وأن مرادهم نحيا ونموت، والواو لا تفيد الترتيب، ولأن الواو قد تدخل فيما لا يمكن الترتيب فيه كقولنا: تضارب زيد وعمرو، ولا ترتيب في ذلك؛ فدل على أنها ليست للترتيب. احتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: «بئس الخطيب أنت» لما قال الخطيب: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، وأمره بأن يقول من يعص الله ورسوله فقد غوى، ولولا أن الواو للترتيب لما كان بين اللفظين فرق، ولما سمع عمر رضي الله عنه الشاعر يقول: كفى الشيب ... والإسلام للمرء ناهيا. [1] 58 البقرة. [2] 24 الجاثية.