responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 415
إلَّا بِدَلِيلِ أَنَّ النَّهْيَ لِقُبْحِ غَيْرِهِ فَهُوَ إنْ كَانَ وَصْفًا فَكَالْأَوَّلِ لَا إنْ كَانَ مُجَاوِرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وَأَمَّا عَنْ الشَّرْعِيَّاتِ كَالصَّوْمِ وَالْبَيْعِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كَالْأَوَّلِ، وَعِنْدَنَا يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِغَيْرِهِ فَيَصِحُّ وَيُشْرَعُ بِأَصْلِهِ إلَّا بِدَلِيلِ أَنَّ النَّهْيَ لِلْقُبْحِ لِعَيْنِهِ، ثُمَّ إنَّ الْقُبْحَ لِعَيْنِهِ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا) اعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْقُبْحَ، وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا لَفْظَ الِاقْتِضَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا يَنْهَى عَنْ الشَّيْءِ لِقُبْحِهِ لَا أَنَّ النَّهْيَ يُثْبِتُ الْقُبْحَ، فَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ الْحِسِّيَّاتِ يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ عَيْنُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَبِيحًا لَا غَيْرُهُ فَقُبْحُ عَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إمَّا لِقُبْحِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ أَوْ بَعْضِ أَجْزَائِهِ، فَالْقُبْحُ لِبَعْضِ أَجْزَائِهِ دَاخِلٌ فِي الْقُبْحِ لِعَيْنِهِ، فَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ قَبِيحًا لِعَيْنِهِ لَا يُصْرَفُ عَنْهُ إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَبِيحًا لِغَيْرِهِ، ثُمَّ ذَلِكَ الْغَيْرُ إنْ كَانَ وَصْفًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَبِيحِ لِعَيْنِهِ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ، وَهَذَا حَرَامٌ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُجَاوِرًا لَا يُلْحَقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] دَلَّ الدَّلِيلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَبُولِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْفِعْلَ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا فِي الشَّرْعِ لِحُكْمٍ مَطْلُوبٍ فَشَرْعِيٌّ وَإِلَّا فَحِسِّيٌّ.
(قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِعَيْنِهِ) أَشَارَ بِلَفْظِ الِاقْتِضَاءِ إلَى أَنَّ الْقُبْحَ لَازِمٌ مُتَقَدِّمٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ قَبِيحًا فَيَنْهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا أَنَّ النَّهْيَ يُوجِبُ قُبْحَهُ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْقُبْحِ لِعَيْنِهِ أَيْ لِذَاتِهِ أَوْ لِجُزْئِهِ، بِوَاسِطَةِ الْقَرِينَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْقَبِيحِ لِغَيْرِهِ فَذَلِكَ الْغَيْرِ إنْ كَانَ وَصْفًا، قَائِمًا بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبِيحِ لِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ مُجَاوِرًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ فَلَا، وَالنَّهْيُ عَنْ الْفِعْلِ الشَّرْعِيِّ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَبِيحِ لِغَيْرِهِ بِوَاسِطَةِ الْقَرِينَةِ عَلَى الْقَبِيحِ لِعَيْنِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْعَكْسِ، وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ أَمْ لَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِعَ وَضَعَ بَعْضَ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِ لِأَحْكَامٍ مَقْصُودَةٍ كَالصَّوْمِ لِلثَّوَابِ وَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ، وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَهَلْ بَقِيَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ ذَلِكَ الْوَضْعُ الشَّرْعِيُّ حَتَّى يَكُونَ الصَّوْمُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ مَنَاطًا لِلثَّوَابِ، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ أَوْ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْوَضْعُ فِيهَا فَمَنْ حَكَمَ بِارْتِفَاعِ الْوَضْعِ جَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ قَبِيحًا لِعَيْنِهِ وَمَنْ لَا فَلَا لِتَنَافِي الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ وَالْقُبْحُ الذَّاتِيُّ ثُمَّ الْفِعْلُ الشَّرْعِيُّ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ قُبْحَهُ لِعَيْنِهِ فَبَاطِلٌ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَذَلِكَ الْغَيْرُ إنْ كَانَ مُجَاوِرًا فَهُوَ صَحِيحٌ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ وَصْفًا فَفَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَاطِلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قُبْحَهُ لِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَبَاطِلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ بِأَصْلِهِ لَكِنْ لَا يَفْسُدُ بِوَصْفِهِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقُبْحَ لِوَصْفِهِ.
(قَوْلُهُ قُلْنَا: حَقِيقَةُ النَّهْيِ) أَصْلُ هَذَا الدَّلِيلِ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست