responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 373
وَلَا يَسْتَقِيمُ تَقْسِيمُ الْحَسَنِ إلَى الْحَسَنِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَالْحَسَنِ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْمَأْمُورَاتِ حَسَنَةٌ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا بِهَذَا الْمَعْنَى، وَالْجَوَابُ عَنْهُ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ حُسْنَ الْفِعْلِ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ، وَعِنْدَنَا لَا بَلْ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَسَنًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَدْلًا وَإِحْسَانًا قَبْلَ الْأَمْرِ لَكِنَّهُ خَفِيٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهَا، فَأُلْحِقَتْ بِمَا هُوَ حَسَنٌ لِعَيْنِهِ كَالصَّلَاةِ، وَجُعِلَتْ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ لَا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَشْعَرِيِّ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ أَجَابَ بِوَجْهَيْنِ حَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّا لَا نَجْعَلُ جِهَةَ حُسْنِهَا كَوْنَهَا مَأْمُورًا بِهَا بَلْ نَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا حَسَنَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ لَمْ نُدْرِكْ جِهَةَ حُسْنِهَا كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي حُسْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ فَالْإِتْيَانُ بِهِ حَسَنٌ لِذَاتِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَقْلَ يَحْكُمُ بِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَامْتِثَالَ أَمْرِهِ حَسَنٌ لِذَاتِهِ فَيَحْسُنُ الْإِتْيَانُ بِالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ لِكَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ لَا يَحْسُنُ ذَلِكَ عَقْلًا بَلْ الشَّرْعُ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ بِوُجُوبِ الطَّاعَةِ وَحُسْنِهَا، فَالْحَسَنُ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَكُونُ حُسْنُهُ لِعَيْنِهِ أَوْ لِجُزْئِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ كَالْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ، وَنَوْعٌ يَكُونُ حُسْنُهُ لِكَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ كَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي حُسْنِ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يَكُونَ الْإِتْيَانُ بِهِ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ لُزُومُ حُسْنِ جَمِيعِ مَا أَمَرَ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يُؤْتَى بِهِ لَا عَلَى قَصْدِ الِامْتِثَالِ كَالْوُضُوءِ لِلتَّبَرُّدِ فَيَحْسُنُ لِغَيْرِهِ لَا لِعَيْنِهِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَيْدِ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ صَارَ النَّوْعُ الثَّانِي مُغَايِرًا لِلنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَالْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ أَيْضًا حَسَنٌ لِعَيْنِهِ، ثُمَّ النَّوْعَانِ وَإِنْ تَبَايَنَا بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ وَالِاعْتِبَارِ فَلَا تَبَايُنَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُصُولِ لِأَمْرٍ وَاحِدٍ كَالْإِيمَانِ يَحْسُنُ لِذَاتِهِ وَلِكَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْأَوَّلُ يَثْبُتُ قَبْلَ الشَّرْعِ دُونَ الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا لَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَالْوُضُوءِ الْمَنْوِيِّ حَسَنٌ لِذَاتِهِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَلِغَيْرِهِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ شَرْطًا لِلصَّلَاةِ، فَإِنْ قِيلَ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذْ الْعَبْدُ إنَّمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِإِيقَاعِ الْفِعْلِ وَإِحْدَاثِهِ فَمَا مَعْنَى الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَالْإِتْيَانُ هُوَ نَفْسُ الْمَأْمُورِ بِهِ.؟ قُلْنَا قَدْ سَبَقَ أَنَّ هَاهُنَا مَعْنًى مَصْدَرِيًّا وَمَعْنًى حَاصِلًا بِالْمَصْدَرِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْإِيقَاعُ، وَالثَّانِي هُوَ الْهَيْئَةُ الْمُوقِعَةُ، فَأَرَادُوا بِالْمَأْمُورِ بِهِ الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ كَالْحَرَكَةِ بِمَعْنَى الْحَالَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَبِالْإِتْيَانِ بِهِ إيقَاعَهُ وَإِحْدَاثَهُ، فَإِنْ قِيلَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْحَسَنُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ قُلْنَا الْمَأْمُورُ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ هُوَ الْإِيقَاعُ وَالْإِحْدَاثُ فَحُسْنُهُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست