responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 366
وَالْحُكْمُ بِالْوُجُوبِ، وَالْحُرْمَةِ يَكُونُ حُكْمًا بِالْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ ضَرُورَةً، وَأَمَّا عَلَى الْعِبَادِ فَلِأَنَّ الْعَقْلَ عِنْدَهُمْ يُوجِبُ الْأَفْعَالَ عَلَيْهِمْ، وَيُبِيحُهَا، وَيُحَرِّمُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ اللَّهُ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَعِنْدَنَا الْحَاكِمُ بِالْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ هُوَ اللَّهُ، وَهُوَ مُتَعَالٍ عَنْ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَعَنْ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهُوَ خَالِقُ أَفْعَالٍ الْعِبَادِ عَلَى مَا مَرَّ جَاعِلٌ بَعْضَهَا حَسَنًا، وَبَعْضَهَا قَبِيحًا، وَلَهُ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ أَوْ جُزْئِيَّةٍ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ، وَقَضَاءٌ مُبِينٌ، وَإِحَاطَةٌ بِظَوَاهِرِهَا، وَبَوَاطِنهَا، وَقَدْ وَضَعَ فِيهَا مَا وَضَعَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَمِنْ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ، وَمِنْ حُسْنٍ أَوْ قُبْحٍ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْعَقْلَ عِنْدَهُمْ مُوجِبٌ لِلْعِلْمِ بِالْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ بِطَرِيقِ التَّوْلِيدِ بِأَنْ يُوَلِّدَ الْعَقْلُ الْعِلْمَ بِالنَّتِيجَةِ عَقِيبَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، وَعِنْدَنَا الْعَقْلُ آلَةٌ لِمَعْرِفَةِ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ إذْ كَثِيرٌ مِمَّا يَحْكُمُ اللَّهُ بِحُسْنِهِ أَوْ قُبْحِهِ لَمْ يَطَّلِعْ الْعَقْلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ بَلْ مَعْرِفَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى تَبْلِيغِ الرُّسُلِ لَكِنَّ الْبَعْضَ مِنْهُ قَدْ أَوْقَفَ اللَّهُ الْعَقْلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُوَلِّدٍ لِلْعِلْمِ بَلْ أَجَرَى عَادَتَهُ أَنَّهُ خَلَقَ بَعْضَهُ مِنْ غَيْرِ كَسْبٍ، وَبَعْضَهُ بَعْدَ الْكَسْبِ أَيْ تَرْتِيبُ الْعَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَعْلُومَةِ تَرْتِيبًا صَحِيحًا عَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا قُدْرَةُ إيجَادِ الْمَوْجُودَاتِ، وَتَرْتِيبُ الْمَوْجُودَاتِ لَيْسَ بِإِيجَادٍ

(وَالْمَأْمُورُ بِهِ فِي صِفَةِ الْحُسْنِ نَوْعَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: فَمَا مَعْنَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ أَمْ لَا؟ . قُلْت: مَعْنَاهُ أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ بَعْضُ الْأَفْعَالِ الْمُمْكِنَةِ فِي نَفْسِهَا بِحَيْثُ يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِامْتِنَاعِ صُدُورِهِ أَوْ لَا صُدُورِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى كَرِعَايَةِ مَا هُوَ أَصْلَحُ لِعِبَادِهِ، وَكَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ، وَإِخْرَاجِ الْفَاسِقِ عَنْ النَّارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَنَا الْحَاكِمُ بِالْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى) لَا يُقَالُ: هَذَا مَذْهَبُ الْأَشَاعِرَةِ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحَ عِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ، لَا يُعْرَفَانِ إلَّا بَعْدَ كِتَابٍ، وَنَبِيٍّ، وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ قَدْ يَعْرِفُهُمَا الْعَقْلُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى عِلْمًا ضَرُورِيًّا فَبِهِمَا إمَّا بِلَا كَسْبٍ كَحُسْنِ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقُبْحِ الْكَذِبِ الضَّارِّ، وَإِمَّا مَعَ كَسْبٍ كَالْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ الْمُسْتَفَادَيْنِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ، وَتَرْتِيبِ الْمُقَدِّمَاتِ، وَقَدْ لَا يُعْرَفَانِ إلَّا بِالنَّبِيِّ، وَالْكِتَابِ كَأَكْثَرِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ.
(قَوْلُهُ بِطَرِيقِ التَّوْلِيدِ) هُوَ أَنْ يَحْصُلَ الْفِعْلُ عَنْ فَاعِلِهِ بِتَوَسُّطِ فِعْلٍ آخَرَ كَحَرَكَةِ الْمِفْتَاحِ، وَالْمُبَاشَرَةُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِدُونِ تَوَسُّطِ فِعْلٍ آخَرَ كَحَرَكَةِ الْيَدِ، وَلَا تَوْلِيدَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِاسْتِنَادِ الْأَفْعَالِ كُلِّهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَا وَاسِطَةٍ بِمَعْنَى خَالِقِهَا، وَمُوجِدِهَا فَحُصُولُ الْعِلْمِ عَقِيبَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ يَكُونُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى عَادَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَحْصُلَ، وَالْعَادَةُ هُوَ تَكَرُّرُ الْفِعْلِ أَوْ وُقُوعُهُ دَائِمِيًّا أَوْ أَكْثَرِيًّا، وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ بِمَعْنَى أَنَّ النَّظَرَ الصَّحِيحَ بَعْدَ الذِّهْنِ لِفَيَضَانِ النَّتِيجَةِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ حُصُولُهَا ضَرُورَةَ تَمَامِ الْقَابِلِ، وَالْفَاعِلِ، وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ بِطَرِيقِ التَّوْلِيدِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَقْلَ يُوَلِّدُ الْعِلْمَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست