responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 363
فَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ مَحْمُودٌ، وَكُلَّ نُقْصَانٍ مَذْمُومٌ، وَأَنَّ أَصْحَابَ الْكِمَالَاتِ مَحْمُودُونَ بِكِمَالَاتِهِمْ، وَأَصْحَابَ النَّقَائِصِ مَذْمُومُونَ بِنَقَائِصِهِمْ فَإِنْكَارُهُ الْحُسْنَ، وَالْقُبْحَ بِمَعْنَى أَنَّهُمَا صِفَتَانِ لِأَجْلِهِمَا يُحْمَدُ أَوْ يُذَمُّ الْمَوْصُوفُ بِهِمَا فِي غَايَةِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْفِعْلِ شَيْءٌ يُثَابُ الْفَاعِلُ أَوْ يُعَاقَبُ لِأَجْلِهِ فَنَقُولُ إنَّهُ عَنَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْإِثَابَةُ، وَالْعِقَابُ لِأَجْلِهِ فَنَحْنُ نُسَاعِدُهُ فِي هَذَا الْفِعْلِ، وَإِنْ عُنِيَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مَعْرِضِ ذَلِكَ فَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ الْحَقِّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ، وَالْعِقَابَ آجِلًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ الْعَقْلُ بِمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّتِهِمَا لَكِنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْكُلِّيَّاتِ، وَالْجُزْئِيَّاتِ فَاعِلٌ بِالِاخْتِيَارِ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلِمَ أَنَّهُ غَرِيقٌ فِي نِعَمِ اللَّهِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ، وَلَحْظَةٍ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ يَنْسُبُ مِنْ الصِّفَاتِ، وَالْأَفْعَالِ مَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ، وَالشَّنَاعَةِ إلَيْهِ، تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا فَلَمْ يَرَ بِعَقْلِهِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ مَذَمَّةً، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ فِي مَعْرِضِ سَخَطٍ عَظِيمٍ، وَعَذَابٍ أَلِيمٍ فَقَدْ سَجَّلَ غِوَايَتَهُ عَلَى غَبَاوَتِهِ، وَلَجَاجَتِهِ، وَبَرْهَنَ عَلَى سَخَافَةِ عَقْلِهِ، وَاعْوِجَاجِهِ، وَاسْتَخَفَّ بِفِكْرِهِ، وَرَأْيِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرِّ الَّذِي فِي وَرَائِهِ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنْ الْغَبَاوَةِ، وَالْغَوَايَةِ، وَأَهْدَانَا هَدَايَا الْهِدَايَةِ.
فَلَمَّا أَبْطَلْنَا دَلِيلَ الْأَشْعَرِيِّ رَجَعْنَا إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى مَذْهَبِنَا، وَإِلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَنَا، وَبَيْنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ دَلِيلِ الْخَصْمِ، وَهُوَ أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ غَيْرُ اخْتِيَارِيٍّ، وَلَا شَيْءَ مِنْ غَيْرِ الِاخْتِيَارِيِّ بِحَسَنٍ أَوْ قَبِيحٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهَا مُقَدِّمَةٌ إجْمَاعِيَّةٌ مُسَلَّمَةٌ عِنْدَ الْخَصْمِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَبَاحِثِ السَّالِفَةِ إنَّمَا كَانَ لِتَحْقِيقِ مَنْعِ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى، وَالتَّقَصِّي عَمَّا أَوْرَدَ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَيْهَا، وَبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْعَبْدِ اخْتِيَارِيًّا، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ تَوْضِيحُهُ سَنَدَ الْمَنْعِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ يُحْمَدُ عَلَيْهَا، وَبِكِمَالَاتِ الْإِنْسَانِ، وَنَقَائِصِهِ حَيْثُ يُحْمَدُ عَلَيْهَا، وَيُذَمُّ، وَادِّعَاؤُهُ التَّنَاقُضَ فِي كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ حَيْثُ جَعَلَ كُلَّ كَمَالٍ حَسَنًا، وَكُلَّ نُقْصَانٍ قَبِيحًا مَعَ أَنَّهُ قَرَّرَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ أَنَّ النِّزَاعَ فِي الْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ الْمَدْحِ أَوْ الذَّمِّ فِي الدُّنْيَا، وَالثَّوَابِ أَوْ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَ هَذَا عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى ذَكَرَ فِي سَنَدِ الْمَنْعِ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ أَوْرَدَ مَا هُوَ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ عَلَى سَبِيلِ التَّرْدِيدِ، وَالِاحْتِمَالِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ عَنَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مَعْرِضِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَشْعَرِيُّ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ لَيْسَ لِذَاتِهِ أَوْ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ بِحَيْثُ يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِأَنَّ فَاعِلَهُ يَسْتَحِقُّ فِي الدُّنْيَا الْمَدْحَ أَوْ الذَّمَّ، وَفِي الْآخِرَةِ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ بَلْ كُلُّ مَا نَصَّ الشَّارِعُ بِهِ أَوْ بِدَلِيلِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمَدْحِ، وَالثَّوَابِ فَحَسَنٌ أَوْ الذَّمُّ، وَالْعِقَابُ فَقَبِيحٌ، وَلَيْسَ لِلْمُخَالِفِ دَلِيلٌ يُعْتَدُّ بِهِ، وَلَا مَنْعٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ تَلْفِيقِ الْعِبَارَاتِ، وَتَنْمِيقِ الِاسْتِعَارَاتِ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست