responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 361
الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ تَعَالَى إذْ حِينَئِذٍ يَخْرُجُ مِنْ صُنْعِ الْعَبْدِ، ثُمَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ لَا يَجِبُ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ الْأَمْرِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى أُمُورٍ لَا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِيهَا أَصْلًا كَقُدْرَةِ الْعَبْدِ وَوُجُودِهِ، وَأَمْثَالِهِمَا فَالْأَمْرُ الْإِضَافِيُّ الَّذِي هُوَ الصَّادِرُ مِنْ الْعَبْدِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجِبُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ يُسَمَّى كَسْبًا، وَقَدْ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّ مَا يَقَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ مَعَ صِحَّةِ انْفِرَادِ الْقَادِرِ بِهِ فَهُوَ خَلْقٌ، وَمَا يَقَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ لَا مَعَ صِحَّةِ انْفِرَادِ الْقَادِرِ بِهِ فَهُوَ كَسْبٌ، ثُمَّ إنَّ مَقْدُورَاتِ اللَّهِ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ مَا يَصِحُّ انْفِرَادُ الْقَادِرِ بِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الِانْفِرَادِ كَمَا فِي الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي لَا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِيهَا، وَالثَّانِي مَا يَصِحُّ انْفِرَادُ الْقَادِرِ بِهِ لَكِنْ لَا يَكُونُ مُنْفَرِدًا بَلْ يَكُونُ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ مَدْخَلٌ مَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ كَالْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِلْعِبَادَةِ، وَقَدْ قِيلَ: مَا وَقَعَ لَا فِي مَحَلِّ قُدْرَتِهِ فَهُوَ خَلْقٌ، وَمَا وَقَعَ فِي مَحَلِّ قُدْرَتِهِ فَهُوَ كَسْبٌ، هَذَا وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا آخَرَ لَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ: الْمَجْمُوعُ تَفْسِيرٌ وَاحِدٌ فَالْخَلْقُ أَمْرٌ إضَافِيٌّ يَجِبُ أَنْ يَقَعَ بِهِ الْمَقْدُورُ لَا فِي مَحَلِّ الْقُدْرَةِ، وَيَصِحُّ انْفِرَادُ الْقَادِرِ بِإِيقَاعِ الْمَقْدُورِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ، وَالْكَسْبُ أَمْرٌ إضَافِيٌّ يَقَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ فِي مَحَلِّ الْقُدْرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا، وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: وُجُوبُ الْفِعْلِ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ لَا يُنَافِيَ كَوْنَهُ مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ، وَمَخْلُوقًا لَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اسْتِنَادُهُ بِوَاسِطَةِ قُدْرَةِ الْعَبْدِ، وَإِرَادَتِهِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّرْجِيحُ، وَالْإِيجَادُ وَأَيْضًا الْوُجُوبُ بِالْقُدْرَةِ، وَالدَّاعِي لَا يُنَافِي تَعَلُّقَ أَصْلِ الْقُدْرَةِ بِأَصْلِ الْفِعْلِ الْمُمْكِنِ، وَكَوْنَهُ مَخْلُوقًا لِلْقَادِرِ، وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ بِخَلْقِهِ، وَإِرَادَتِهِ لَا يُنَازِعُونَ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى أُمُورٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَإِيجَادِ الْعَبْدِ، وَإِقْدَارِهِ، وَتَمْكِينِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مُلَخَّصَ كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ بَعْضَ أَحْوَالِ الْحَيَوَانِ لَا شُعُورَ لَهُ بِهَا كَالنُّمُوِّ، وَهَضْمِ الْغِذَاءِ، وَبَعْضَهَا مَشْعُورٌ بِهِ لَكِنْ لَيْسَ بِإِرَادَتِهِ كَمَرَضِهِ، وَصِحَّتِهِ، وَنَوْمِهِ، وَيَقَظَتِهِ، وَبَعْضَهَا مِمَّا لَهُ قَصْدٌ إلَى صُدُورِهِ، وَصِحَّةُ الصُّدُورِ غَيْرُ الْقَصْدِ إذْ رُبَّمَا يَصِحُّ صُدُورُ فِعْلٍ لَا يَقْصِدُهُ، وَرُبَّمَا يَقْصِدُ مَا لَا يَصِحُّ صُدُورُهُ فَصِحَّةُ الصُّدُورِ، وَاللَّاصُدُورِ هِيَ الْمُسَمَّى بِالْقُدْرَةِ، وَهِيَ لَا تَكْفِي فِي الصُّدُورِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَالتَّرْجِيحُ إنَّمَا هُوَ بِالْقَصْدِ الَّذِي هُوَ الْمُسَمَّى بِالْإِرَادَةِ أَوْ بِالدَّاعِي، وَعِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالدَّاعِي يَجِبُ الصُّدُورُ عِنْدَ فَقْدِ أَحَدِهِمَا يَمْتَنِعُ، وَالْقَوْلُ بِصُدُورِ الْفِعْلِ عَنْ الْقَادِرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ تَمَسُّكًا بِالْأَمْثِلَةِ الْجُزْئِيَّةِ بَاطِلٌ فَإِنَّ التَّرْجِيحَ بِالْعِلْمِ غَيْرُ الْعِلْمِ بِالتَّرْجِيحِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى وُجُودِ الْمُرَجِّحِ لَا إلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَكُلُّ فِعْلٍ يَصْدُرُ عَنْ فَاعِلِهِ بِسَبَبِ حُصُولِ قُدْرَتِهِ، وَإِرَادَتِهِ فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَكُلُّ مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ، وَسُؤَالُ السَّائِلِ أَنَّهُ بَعْدَ حُصُولِ الْقُدْرَةِ، وَالْإِرَادَةِ هَلْ يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُمْكِنَ بَعْدَ وُجُودِهِ هَلْ يُمْكِنُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست