responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 353
رَجَحَ الْفَاعِلُ لَمْ يَبْقَيَا كَذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْرَدُوا لِتَجْوِيزِ تَرْجِيحِ الْمُخْتَارِ أَحَدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ الْمِثَالَ الْمَشْهُورَ، وَهُوَ الْهَارِبُ مِنْ السَّبُعِ إذَا رَأَى طَرِيقَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَقَالَ الْحُكَمَاءُ الْقَضِيَّةُ الْبَدِيهِيَّةُ الَّتِي لَوْلَاهَا لَانْسَدَّ بَابُ الْعِلْمِ بِالصَّانِعِ هُوَ أَنَّ الرُّجْحَانَ بِلَا مُرَجِّحٍ بَاطِلٌ وَلَا تَبْطُلُ بِإِيرَادِ مِثَالٍ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُرَجِّحِ بَلْ غَايَتُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُرَجِّحِ، فَأَقُولُ: الْقَضِيَّةُ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي إثْبَاتِ الْعِلْمِ بِالصَّانِعِ هِيَ أَنَّ رُجْحَانَ أَحَدِ طَرَفَيْ الْمُمْكِنِ بِلَا مُرَجِّحٍ مُحَالٌ بِمَعْنَى أَنَّ وُجُودَهُ بِلَا مُوجِدٍ مُحَالٌ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إثْبَاتُ هَذَا الْمَطْلُوبِ مَعَ الْغُنْيَة عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ بِأَنْ نَقُولَ: الْمَوْجُودُ إمَّا أَنْ لَا يَحْتَاجَ فِي وُجُودِهِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ يَحْتَاجُ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْأَوَّلِ قَطْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ لَا يَكُونَ تَرْجِيحٌ أَصْلًا أَوْ يَكُونَ لِلرَّاجِحِ أَوْ لِلْمُسَاوِي أَوْ لِلْمَرْجُوحِ، وَالْأَوَّلَانِ بَاطِلَانِ فَتَعَيَّنَ الْآخَرَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَوْلَا: التَّرْجِيحُ لَمَا وُجِدَ مُمْكِنٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الْإِيجَادِ، وَالْإِيجَادُ تَرْجِيحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُمْكِنَ لَا يَكُونُ رَاجِحًا إلَّا بِوَاسِطَةِ مُرَجِّحٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ لِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِهِ فَلَوْ جَازَ تَرْجِيحُ الرَّاجِحِ أَيْ إثْبَاتُ الرُّجْحَانِ فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ الرُّجْحَانُ الَّذِي هُوَ ثَابِتٌ فَيَلْزَمُ إثْبَاتُ الثَّابِتِ، وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، وَهُوَ مُحَالٌ وَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ رُجْحَانٌ زَائِدٌ عَلَى مَا لَهُ مِنْ الرُّجْحَانِ فَيَكُونُ كُلُّ تَرْجِيحٍ مَسْبُوقًا بِتَرْجِيحٍ آخَرَ وَهُوَ لَا مَحَالَةَ يَكُونُ بِمُرَجِّحٍ فَيَلْزَمُ تَسَلْسُلُ التَّرْجِيحَاتِ، وَالْمُرَجِّحَاتِ لَا إلَى نِهَايَةٍ فَيَفْتَقِرُ وُجُودُ كُلِّ حَادِثٍ إلَى أُمُورٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بُطْلَانَ تَرْجِيحِ الرَّاجِحِ فِي الْجُمْلَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ التَّرْجِيحِ بِتَرْجِيحِ لِلرَّاجِحِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ عَدَمُ تَنَاهِي التَّرْجِيحَاتِ لِجَوَازِ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى تَرْجِيحِ الْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ أَيْ إلَى تَرْجِيحٍ لَا يَكُونُ قَبْلَهُ تَرْجِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بُطْلَانَ انْحِصَارِ تَرْجِيحٍ فِي تَرْجِيحِ الرَّاجِحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ تَرْجِيحٍ تَرْجِيحًا لِلرَّاجِحِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فَالتَّرْجِيحُ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ انْحِصَارِ التَّرْجِيحِ فِي تَرْجِيحِ الرَّاجِحِ ثُبُوتُ انْحِصَارِهِ فِي تَرْجِيحِ الْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ.
قُلْنَا مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ بِالْآخِرَةِ، إلَّا لِلْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ، وَيَثْبُتُ بِهِ الْمَطْلُوبُ، وَهُوَ وُقُوعُ تَرْجِيحِ الْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ الثَّانِي أَنَّ وُجُودَ الْمُمْكِنِ مُسَاوٍ لِعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى ذَاتِ الْمُمْكِنِ، وَمَرْجُوحٌ نَظَرًا إلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ السَّابِقُ أَعْنِي عَدَمَ عِلَّةِ الْوُجُودِ فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِلْعَدَمِ فَإِيجَادُ الْمُمْكِنِ يَكُونُ تَرْجِيحًا لِلْمُسَاوِي نَظَرًا إلَى الذَّاتِ، وَلِلْمَرْجُوحِ نَظَرًا إلَى الْعِلَّةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِرَادَةَ صِفَةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يُرَجِّحَ الْفَاعِلُ بِهَا أَحَدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ الْمَرْجُوحَ عَلَى الرَّاجِحِ فَالْإِيجَابُ بِالِاخْتِيَارِ قَدْ يَكُونُ تَرْجِيحًا لِذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ: اخْتِيَارُ الْمُخْتَارِ أَحَدُ الْمُتَسَاوِيَيْنِ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، قُلْنَا: الْإِرَادَةُ، وَالِاخْتِيَارُ لَا يُعَلَّلُ بِأَنَّهُ لِمَ اخْتَارَ هَذَا دُونَ ذَاكَ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لَهَا كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ بِالذَّاتِ لَا يُعَلَّلُ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِمَ أَوْجَبَ هَذَا دُونَ ذَاكَ؛ فَإِنْ قِيلَ التَّرْجِيحُ يَسْتَلْزِمُ الرُّجْحَانَ ضَرُورَةً فَتَرْجِيحُ الْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ يُوجِبُ رُجْحَانَهُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِالضَّرُورَةِ. قُلْنَا الْمُمْتَنِعُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست