responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 301
لَكِنْ يُحْمَلُ غَيْرُ الْمَوْضُوعِ لَهُ عَلَى الْمَعْنَى الْخَارِجِيِّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إطْلَاقِ الْغَيْرِ عَلَى الْجُزْءِ فَإِنَّ الْجُزْءَ عِنْدَهُ لَيْسَ عَيْنًا، وَلَا غَيْرًا عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ تَفْسِيرِ الْغَيْرِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ فَحَاصِلُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ أَهُوَ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ أَمْ بِطَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ؟ وَمَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَاقَةُ الْمَجَازِ وَصْفًا بَيِّنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَالْمَجَازِيِّ كَالشَّجَاعَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ الشُّجَاعِ، وَالْأَسَدِ (وَالْأَصَحُّ الثَّانِي) ، وَهُوَ إطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ؛ لِأَنَّا سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ مُبَايِنَةٌ لِلْوُجُوبِ فَإِنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَمْرِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَمَا أَثْبَتَ كَوْنَهَا حَقِيقَةً لِلْوُجُوبِ خَاصَّةً، وَنَفَى الِاشْتِرَاكَ اخْتَارَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةٌ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِبَاحَةُ أَوْ النَّدْبُ، وَقَالَ هَذَا أَصَحُّ: وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهِ مَجَازًا بِصِحَّةِ النَّفْيِ مِثْلَمَا أُمِرْتَ بِصَلَاةِ الضُّحَى أَوْ صَوْمِ أَيَّامِ الْبِيضِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا عَلَى كَوْنِ " صَلُّوا صَلَاةَ الضُّحَى أَوْ صُومُوا أَيَّامَ الْبِيضِ " مَجَازًا، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الْأَمْرِ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ بَلْ الْخِلَافُ فِي أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ أَمْرٍ عَلَى الصِّيغَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَالنَّدْبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: 60] ، وقَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] ، وَنَحْوُ ذَلِكَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَنْدُوبَ مَأْمُورٌ بِهِ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَهُوَ الْجَصَّاصُ، وَالْمُبَاحُ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِهِ خِلَافًا لِلْكَعْبِيِّ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ حَقِيقَةٌ فِي النَّدْبِ؛ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ طَاعَةٌ، وَالطَّاعَةُ فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَنْقَسِمُ إلَى أَمْرِ إيجَابٍ، وَأَمْرِ نَدْبٍ، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَ صِيغَةِ الْأَمْرِ مَجَازًا فِي النَّدْبِ، وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ مَجَازًا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلطَّلَبِ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ تَرْجِيحَ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْكَعْبِيِّ فَالْمُبَاحُ وَاجِبٌ لِكَوْنِهِ تَرْكَ الْحَرَامِ أَوْ مُقَدِّمَةً لَهُ فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُبَاحَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ لَا يَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ تَرْكُ الْحَرَامِ بِمُبَاحٍ آخَرَ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ وَاجِبًا مُخَيَّرًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مُبْهَمًا مِنْ أُمُورٍ مَحْصُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَالْمُبَاحَاتُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا تَرْكُ الْحَرَامِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَهَذَا مَحْمَلٌ جَيِّدٌ لِكَلَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْلَا نَظْمُ النَّدْبِ، وَالْإِبَاحَةِ فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ، وَتَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِالْكَرْخِيِّ وَالْجَصَّاصِ؛ فَلِهَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الشَّارِحِينَ إلَى أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي صِيغَةِ الْأَمْرِ، وَأَوَّلُوا كَلَامَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةُ الْوُجُوبِ خَاصَّةً عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلِلنَّدْبِ، وَالْإِبَاحَةِ عِنْدَ انْضِمَامِ الْقَرِينَةِ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ خَاصَّةً بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَفِي الْبَاقِي مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَمَّا كَانَ فَسَادُ هَذَا التَّأْوِيلِ ظَاهِرَ التَّأْدِيَةِ إلَى إبْطَالِ الْمَجَازِ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ الْقَرِينَةِ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست