responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 299
بِالْقَرِينَةِ، أَيْ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ فِي الْآيَتَيْنِ ثَبَتَا بِالْقَرِينَةِ فَإِنَّ الِابْتِغَاءَ وَالِاصْطِيَادَ إنَّمَا أُمِرَ بِهِمَا لِحَقِّ الْعِبَادِ وَمَنْفَعَتِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَا عَلَى وَجْهٍ تَنْقَلِبُ الْمَنْفَعَةُ مَضَرَّةً بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِمْ

(مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِبَاحَةُ أَوْ النَّدْبُ فَاسْتِعَارَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَالْجَامِعُ جَوَازُ الْفِعْلِ لَا إطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّيِّ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ مُبَايِنَةٌ لِلْوُجُوبِ لَا جُزْؤُهُ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا كَانَ حَقِيقَةً فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQلُزُومِ الْوُجُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُفْضٍ إلَى الْوُجُودِ نَظَرًا إلَى الْعَقْلِ وَالدِّيَانَةِ فَصَارَ لَازِمُ الْأَمْرِ هُوَ الْوُجُوبُ بَعْدَمَا كَانَ لَازِمُهُ الْوُجُودَ.
حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ اعْتِبَارَ جَانِبِ الْأَمْرِ يُوجِبُ وُجُودَ الْمَأْمُورِ بِهِ حَقِيقَةً، وَاعْتِبَارَ كَوْنِ الْمَأْمُورِ مُخَاطَبًا مُكَلَّفًا يُوجِبُ التَّرَاخِيَ إلَى حِينِ إيجَادِهِ فَاعْتَبَرْنَا الْمَعْنَيَيْنِ فَأَثْبَتنَا بِالْأَمْرِ آكَدَ مَا يَكُونُ مِنْ وُجُوهِ الطَّلَبِ وَهُوَ الْوُجُوبُ خَلَفًا مِنْ الْوُجُودِ، وَقُلْنَا بِتَرَاخِي الْوُجُوبِ إلَى حِينِ اخْتِيَارِهِ فَإِنْ قُلْت فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَمْرُ حَقِيقَةً فِي طَلَبِ الْوُجُودِ وَإِرَادَتِهِ مَجَازًا فِي الْإِيجَابِ قُلْت: نَعَمْ بِحَسَبِ اللُّغَةِ لَكِنَّهُ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْإِيجَابِ إذْ لَا وُجُوبَ إلَّا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قُلْت: الْكَلَامُ فِي مَدْلُولِ صِيغَةِ الْأَمْرِ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ الْوُجُوبُ قُلْت: نَعَمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لِطَلَبِ وُجُودِ الْفِعْلِ وَإِرَادَتِهِ مَعَ الْمَنْعِ عَنْ النَّقِيضِ، وَهُوَ إيجَابٌ وَإِلْزَامٌ لَكِنَّهُ مِنْ الْعِبَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُودَ لِجَوَازِ تَخَلُّفِ مَطَالِبِهِمْ عَنْ الطَّلَبِ فَالْأَمْرُ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فِي الْإِيجَابِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ وَطَلَبِ الْفِعْلِ وَإِرَادَتِهِ جَزْمًا، وَحَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْإِيجَابِ بِمَعْنَى الطَّلَبِ وَالْحُكْمِ بِاسْتِحْقَاقِ تَارِكِهِ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ لَا بِمَعْنَى إرَادَةِ وُجُودِ الْفِعْلِ، وَالْأَدِلَّةُ يَدُلُّ بَعْضُهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا عَلَى الثَّانِي، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِي اللُّغَةِ لِإِرَادَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ بَلْ لِطَلَبِهِ، وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعَهَا فَيَحْصُلُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَكُونُ بِدُونِهَا فَلَا يَحْصُلُ، وَلَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوَامِرِ الْعِبَادِ فِي نَفْسِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، وَلَا بِأَنَّ أَوَامِرَ الشَّرْعِ مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ أَمْرُ كُنْ لِطَلَبِ وُجُودِ الْحَادِثِ وَإِرَادَةِ تَكَوُّنِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ وَتَرَاخٍ وَكَانَ أَزَلِيًّا لَزِمَ قِدَمُ الْحَوَادِثِ، وَأَيْضًا إذَا كَانَ أَزَلِيًّا لَمْ يَصِحَّ تَرَتُّبُهُ عَلَى تَعَلُّقِ الْإِرَادَةِ بِوُجُودِ الشَّيْءِ عَلَى مَا تُنْبِئُ عَنْهُ الْآيَةُ فَالْأَوْلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَجَازٌ وَتَمْثِيلٌ لِسُرْعَةِ التَّكْوِينِ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَكَلَامٍ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: 93] ، أَيْ تَرَكْت مُوجَبَهُ، دَلَّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الْمَأْمُورِ بِهِ عَاصٍ، وَكُلُّ عَاصٍ يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [الجن: 23] ، أَيْ مَاكِثًا الْمُكْثَ الطَّوِيلَ، وَالْوَعِيدُ عَلَى التَّرْكِ دَلِيلُ الْوُجُودِ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48] ذَمَّهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَهُوَ مَعْنَى الْوُجُوبِ فَإِنْ قِيلَ: مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَعِيدَ وَالذَّمَّ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ الْوُجُوبُ فِي مُطْلَقِ الْأَمْرِ قُلْنَا مِنْ تَرَتُّبِ الْوَعِيدِ وَالذَّمِّ عَلَى نَفْسِ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ. وَأَمَّا دَلَالَةُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست