responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 247
وَقَدْ أَوْرَدُوا فِي مِثَالِهِ {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] تَقْدِيرُهُ، وَاَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَسَرُّوا النَّجْوَى كَيْ لَا يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ (وَالتَّأْخِيرِ، وَالنَّاسِخِ، وَالْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ، وَهِيَ ظَنِّيَّةٌ أَمَّا الْوُجُودِيَّاتُ) ، وَهِيَ نَقْلُ اللُّغَةِ، وَالصَّرْفِ، وَالنَّحْوِ (فَلِعَدَمِ عِصْمَةِ الرُّوَاةِ، وَعَدَمِ التَّوَاتُرِ، وَأَمَّا الْعَدَمِيَّاتُ) ، وَهِيَ مِنْ قَوْلِهِ، وَعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ إلَى آخِرِهِ (فَلِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الِاسْتِقْرَاءِ، وَهَذَا بَاطِلٌ) أَيْ مَا قِيلَ: إنَّ الدَّلِيلَ اللَّفْظِيَّ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ (لِأَنَّ بَعْضَ اللُّغَاتِ، وَالنَّحْوِ، وَالتَّصْرِيفِ بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ) كَاللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ غَايَةَ الشُّهْرَةِ، وَرَفْعِ الْفَاعِلِ، وَنَصْبِ الْمَفْعُولِ، وَأَنَّ ضَرَبَ، وَمَا عَلَى، وَزْنِهِ فِعْلٌ مَاضٍ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. فَكُلُّ تَرْكِيبٍ مُؤَلَّفٍ مِنْ هَذِهِ الْمَشْهُورَاتِ قَطْعِيٌّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75] ، وَنَحْنُ لَا نَدَّعِي قَطْعِيَّةَ جَمِيعِ النَّقْلِيَّاتِ، وَمَنْ ادَّعَى أَنْ لَا شَيْءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَاللَّفْظُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ خِلَافِ الْأَصْلِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ قَطْعًا، وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ قَطْعِيَّةِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ خِلَافِ الْأَصْلِ فَيَجُوزُ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ قَرِينَةٌ قَطْعِيَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمُرَادُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ فَائِدَةِ التَّخَاطُبِ إذْ لَا فَائِدَةَ إلَّا الْعِلْمُ بِمَعَانِي الْخِطَابَاتِ، وَلَوَازِمِهَا، وَبُطْلَانُ كَوْنِ الْمُتَوَاتِرِ قَطْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ انْضَمَّ إلَيْهِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى تَحَقُّقِ مَعْنَاهُ قَطْعًا، وَهِيَ بُلُوغُ رُوَاتِهِ حَدًّا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ هُوَ الْمُرَادُ لَمْ يَكُنْ الْمُتَوَاتِرُ قَطْعِيًّا.
(قَوْلُهُ، وَقَدْ أَوْرَدُوا فِي مِثَالِهِ) هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ يَصْلُحُ مَثَلًا لِمُجَرَّدِ التَّقْدِيمِ لَا لِلتَّقْدِيمِ الْقَادِحِ فِي قَطْعِيَّةِ الْمُرَادِ، وَتَوْسِيطُ هَذَا الْكَلَامِ بَيْنَ التَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُمَا مَعًا شَرْطٌ وَاحِدٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ افْتِرَاقُهُمَا.
(قَوْلُهُ كَيْ لَا يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ) فَإِنْ قِيلَ: هُوَ بِاعْتِبَارِ التَّقْدِيمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ، أَيْضًا يَحْتَمِلُ التَّقْدِيمُ عَلَى أَنْ يُشَبِّهَ الْبَرَاغِيثَ فِي شِدَّةِ نِكَايَتِهَا بِالْعُقَلَاءِ فَيَسْتَعْمِلُ الْوَاوَ ضَمِيرَ جَمْعٍ لَهَا قُلْنَا الْمُرَادُ بِقَبِيلِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ اللُّغَةُ الضَّعِيفَةُ الَّتِي يُؤْتَى فِيهَا بِالْوَاوِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ جَمْعٌ سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ مِنْ الْعُقَلَاءِ أَوْ شَبِيهًا بِهِمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَالْآيَةُ بِاعْتِبَارِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ تَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
(قَوْلُهُ، وَالْمُعَارِضِ) يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ بِخِلَافِ الْعَقْلِ، وَلِأَنَّهُ فَرْعُ الْعَقْلِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَلَا يَجُوزُ تَكْذِيبُ الْأَصْلِ لِتَصْدِيقِ الْفَرْعِ الْمُتَوَقِّفِ صِدْقُهُ عَلَى صِدْقِ الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ ادَّعَى) أَوْرَدَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنْ لَا شَيْءَ مِنْ التَّرْكِيبَاتِ، أَيْ الْأَدِلَّةِ اللَّفْظِيَّةِ بِمُفِيدٍ لِلْقَطْعِ بِمَدْلُولِهِ: تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ إنْكَارٌ لِلْقَطْعِ بِالْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِالتَّوَاتُرِ كَوُجُودِ بَغْدَادَ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّرْكِيبِ الْخَبَرِيِّ، وَإِنْكَارُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَقْرُونًا بِمُغَالَطَةٍ وَدَلِيلٍ مُزَخْرَفٍ فَهُوَ سَفْسَطَةٌ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْحِكْمَةُ الْمُمَوَّهَةُ اُسْتُعْمِلَتْ فِي إقَامَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى نَفْيِ مَا عُلِمَ تَحَقُّقُهُ بِالضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست