responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 245
وَالْحَذْفُ خِلَافُ الْأَصْلِ (فَكَمَا اُبْتُلِيَ مَنْ لَهُ ضَرْبُ جَهْلٍ بِالْإِمْعَانِ فِي السَّيْرِ) أَيْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَالْمُرَادُ بَذْلُ الْمَجْهُودِ وَالطَّاقَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ (اُبْتُلِيَ الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ بِالتَّوَقُّفِ) أَيْ عَنْ طَلَبِهِ، وَهَذَا جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ لِلْإِفْهَامِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ حَظٌّ فِي الْعِلْمِ بِالْمُتَشَابِهَاتِ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي إنْزَالِ الْمُتَشَابِهَاتِ فَنُجِيبُ أَنَّ الْفَائِدَةَ هِيَ الِابْتِلَاءُ فَكَمَا اُبْتُلِيَ الْجَاهِلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ اُبْتُلِيَ الرَّاسِخُ بِكَبْحِ عِنَانِ ذِهْنِهِ عَنْ التَّأَمُّلِ وَالطَّلَبِ، فَإِنَّ رِيَاضَةَ الْبَلِيدِ تَكُونُ بِالْعَدْوِ، وَرِيَاضَةَ الْجَوَادِ تَكُنْ بِكَبْحِ الْعِنَانِ وَالْمَنْعِ عَنْ السَّيْرِ (، وَهَذَا أَعْظَمُهَا بَلْوًى، وَأَعَمُّهَا جَدْوًى) أَيْ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الِابْتِلَاءِ أَعْظَمُ النَّوْعَيْنِ بَلْوًى، وَالنَّوْعَانِ مِنْ الِابْتِلَاءِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ ابْتِلَاءِ الْجَاهِلِ، وَالْعَالِمِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَعْظَمَهُمَا بَلْوًى؛ لِأَنَّ هَذَا الِابْتِلَاءَ هُوَ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفَوِّضَهُ إلَيْهِ، وَيُلْقِيَ نَفْسَهُ فِي مَدْرَجَةِ الْعَجْزِ، وَالْهَوَانِ، وَيَتَلَاشَى عِلْمُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَلَا يَبْقَى لَهُ فِي بَحْرِ الْفَنَاءِ اسْمٌ، وَلَا رَسْمٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ بِهِ عَطْفًا لِلرَّاسِخَيْنِ عَلَى اللَّهِ وَتَرْكًا لِلْوَقْفِ عَلَى إلَّا اللَّهُ يَكُونُ يَقُولُونَ كَلَامًا مُبْتَدَأً مُوَضِّحًا لِحَالِ الرَّاسِخِينَ بِحَذْفِ الْمُبْتَدَأِ، أَيْ هُمْ يَقُولُونَ، وَالْحَذْفُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَهَكَذَا صَرَّحَ جَارُ اللَّهِ فِي الْكَشَّافِ، وَالْمُفَصَّلِ بِتَقْدِيرِ الْمُبْتَدَأِ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْفِعْلِيَّةَ صَالِحَةٌ لِلِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى اعْتِبَارِ حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَقُولُونَ حَالًا مِنْ الْمَعْطُوفِ فَقَطْ أَعْنِي الرَّاسِخُونَ لِعَدَمِ الِالْتِبَاسِ.
(قَوْلُهُ فَكَمَا اُبْتُلِيَ) لَمَّا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهَةِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِمَا لَا يُفْهَمُ، وَإِنْ جَازَ عَقْلًا فَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، وَتَخْصِيصُ الْحَالِ أَعْنِي يَقُولُونَ بِالْمَعْطُوفِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُهَا بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَهْوَنُ مِنْ الْخِطَابِ بِمَا لَا يُفِيدُ أَصْلًا، وَلَا تَنَاقُضَ فِي حَصْرِ الْحُكْمِ عَلَى مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ وَمَعْطُوفٍ بِمَعْنَى انْفِرَادِهِمَا بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمَا مِثْلُ: مَا جَاءَنِي إلَّا زَيْدٌ وَعَمْرٌو، أَيْ لَا بَكْرٌ وَلَا خَالِدٌ، أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْخِطَابِ بِالْمُتَشَابِهِ هِيَ الِابْتِلَاءُ فَإِنَّ الرَّاسِخَ فِي الْعِلْمِ لَا يُمْكِنُ ابْتِلَاؤُهُ بِالْأَمْرِ بِطَلَبِ الْعِلْمِ كَمَنْ لَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ غَايَةُ مُتَمَنَّاهُ فَكَيْفَ يُبْتَلَى بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: ضَرْبٌ مِنْ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ لِلْجَاهِلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، فَلِلرَّاسِخِ فِي الْعِلْمِ نَوْعٌ مِنْ الِابْتِلَاءِ، وَلِمَنْ لَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْجَهْلِ نَوْعٌ آخَرُ، وَابْتِلَاءُ الرَّاسِخِ أَعْظَمُ النَّوْعَيْنِ بَلْوَى؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِي تَرْكِ الْمَحْبُوبِ أَكْثَرُ مِنْ الْبَلْوَى فِي تَحْصِيلِ غَيْرِ الْمُرَادِ، وَأَعُمُّهَا جَدْوًى، أَيْ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ أَشَقُّ فَثَوَابُهُ أَكْثَرُ فَإِنْ قِيلَ: مَا مِنْ آيَةٍ إلَّا، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ، وَهَذَا كَالْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّوَقُّفِ فِي الْمُتَشَابِهِ أُجِيبَ بِأَنَّ التَّوَقُّفَ مَذْهَبُ السَّلَفِ إلَّا أَنَّهُ

نام کتاب : شرح التلويح على التوضيح نویسنده : التفتازاني    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست