المناسبة ظاهرة في غالب صور الجنس، فيما عداها بما نصه قال: "وعلى هذا فلو خلا الوصف الذي رتب عليه الحكم عن المقصود الموافق للنفس قطعاً، وإن كان ظاهراً في غالب صور الجنس، كما في لحوق النسب في نكاح المشرقي للمغربية، وشرع الاستبراء في شراء الجارية لمعرفة فراغ رحمها فيما إذا اشترى جارية ممن باعها منه في مجلس البيع الأول، لعلمنا بفراغ رحمها من غيره قطعاً، وإن كان ذلك ظاهراً في غالب صور الجنس فيما عدا هذه الصورة فلا يكون مناسباً.
ولا يصح التعليل به، لأن مقصود من شرع الحُكمِ الحُكمَ، فشرع الأحكام مع انتفاء الحكمة يقيناً لا يكون مفيداً، فلا يرد به الشرع"[1].
لكن يرد عليه ما اعترض به صاحب مسلم الثبوت على الجمهور في عدم اعتبارهم المظنة مع انتفاء المئنة في هذا النوع بما أوضحه شارحه من أنه منقوض بسفر الملك المرفه إذا قطع بعدم المشقة في سفره، فإنه يرخص له في سفره بالقصر وغيره قطعاً، حيث اتفقوا هنا على اعتبار المظنة مع انتفاء المئنة قطعاً.
وكذلك منقوض بالمطلقة الغير الموطوءة بعد الوضع بستة أشهر، فإنه تجب العدة عليها مع القطع بعدم الشغل، والطلاق إنما أوجب العدة لكونه مظنة الشغل.
ثم قال: والحل للنقض أن المقاصد إنما لوحظت في تشريح الحكم كلياً فلا بد من ترتيبها على نوعه، فإذا كان نوعه مما يترتب عليه المقاصد يصلح مظنة، ولو لم يترتب على بعض أشخاصه، فقولكم أن المظنة غير معتبرة نظراً إلى الماهية والنوع مع انتفاء المئنة قطعاً نظراً إلى الهاذية وبعض الأشخاص في حيز المنع غير مسلم.
نعم لا عبرة بالمظنة مع انتفاء المئنة نظراً إلى النوع، وهذا غير لازم، فإن النسب يترتب على الفراش، وحدوث الملك يترتب عليه احتمال الشغل، وإن كانا مفقودين في بعض أفرادهما، ومن هنا ظهر لك أن استخراج وقوع تشريع حكم [1] انظر: الأحكام للآمدي 3/251.