وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول} [النِّسَاءِ: 59] ، وَهَذَا الْمُقَلِّدُ قَدْ تَنَازَعَ فِي مَسْأَلَتِهِ مُجْتَهِدَانِ؛ فَوَجَبَ رَدُّهَا إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْأَدِلَّةِ[1] الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ مُتَابَعَةِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ؛ فَاخْتِيَارُهُ أَحَدَ الْمَذْهَبَيْنِ بِالْهَوَى وَالشَّهْوَةِ مُضَادٌّ لِلرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ2 نَزَلَتْ عَلَى سَبَبٍ فِيمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى حُكْمِ الطَّاغُوتِ، وَلِذَلِكَ أَعْقَبَهَا بِقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك} [النساء: 60] .
وهذا[4] يَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: "أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ"[5].
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تَتَبُّعِ رُخَصِ الْمَذَاهِبِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إِلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ حَزْمٍ[6] الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِسْقٌ لَا يحل. [1] وهي الترجيح هنا. "د".
2، 3 الآتيان نزلت كل منهما على سبب خاص غير سبب نزول الأخرى؛ إلا أنهما مشتركان في نوع السبب، فعليك بالرجوع لكتب التفسير. "د".
قلت: انظر "لباب النقول" "72"، و"الصحيح المسند من أسباب النزول" "ص45". [4] كذا في "ط"، وفي غيره: "وهذا". [5] مضى تخريجه "4/ 452"، وهو حديث منكر. [6] قال في كتابه "مراتب الإجماع" "ص58": "واتفقوا على أنه لا يحل لمفتٍ ولا لقاضٍ أن يحكم بما يشتهي مما ذكرنا في قصة، وبما اشتهى مما يخالف الحكم في أخرى مثلها، وإن كان كلا القولين مما قال به جماعة من العلماء ما لم يكن ذلك الرجوع عن خطأ لاح له إلى صواب؛ بان له، ونقله عنه المحلي في "شرح جمع الجوامع" "2/ 442".
ونقل الإجماع ابن عبد البر في "الجامع" "2/ 91، 92 - ط القديمة", والباجي كما سيأتي عنه، وابن الصلاح في "آداب المفتي" "ص125"، وحكاه عنهما ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الكبرى الفقهية" "4/ 204"، وانظر: "رفع العتاب" "ص76".