وَاسْتَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ أَنْ الْمَصَالِحَ عَلَى ثَلَاثِ[1] مَرَاتِبَ، فَإِذَا بَلَغَ الْإِنْسَانُ مَبْلَغًا، فَهِمَ عَنِ الشَّارِعِ فِيهِ قَصْدَهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ[2] مِنْ مَسَائِلِ الشَّرِيعَةِ، وَفِي كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ وَصْفٌ هُوَ السَّبَبُ[3] فِي تَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْخَلِيفَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّعْلِيمِ وَالْفُتْيَا وَالْحُكْمِ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ كَالْخَادِمِ لِلْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ مَعَارِفَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ أَوَّلًا، وَمِنْ هنا كان خادما[4] للأول، وفي [1] أي: لا تعدوها وإن حصل اختلاف في بعض جزئياتها أنها من الضروريات أو من الحاجيات أو مكملات إحداهما مثلًا. "د". [2] هذا على القول المرجوح من عدم القول المرجوح من عدم جواز تجزؤ الاجتهاد، فأما على جواز ذلك وهو الراجح المختار للغزالي، وقال ابن السبكي: "إنه الصحيح؛ فلا يشترط الفهم المذكور لغير المسألة التي يتعلق بها اجتهاده". قال في "المحصول" "6/ 25": "والحق [أنه يجوز] أن [تحصل] صفة الاجتهاد تحصل في فن، بل في مسألة دون مسألة". "د".
قلت: انظر في مسألة تجزئ الاجتهاد: المستصفى" "2/ 353-354"، و"الأحكام" "4/ 164" للآمدي، و"المرآة" "2/ 469" مع "حاشية الإزميري"، و"البحر المحيط" "4/ 473 و6/ 209" للزركشي، و"شرح تنقيح الفصول" "430"، و"المعتمد" "2/ 929"، و"التقرير والتحبير" "3/ 294"، و"مقدمة المجموع" "1/ 71"، و"إرشاد الفحول" "254-255"، وإعلام الوقعين "216-217"، و"جمع الجوامع" "2/ 405-406 - مع حاشية البناني"، و"شرح العضد على ابن الحاجب" "2/ 290-291"، "وفواتح الرحموت" "2/ 364"، و"الاجتهاد في الإسلام" "ص164-173" لنادية العمري. [3] لا ينافي أنه لا بد من الوصف الآخر وهو التمكن؛ لأنه جعله شرطًا، وسمى هذا سببًا. "د". [4] لأنه لا يفهم مقاصد الشريعة إلا بواسطة هذه المعارف، وقد تقدم أنه لا بد من الكليات =