وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الَّذِي لَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ الْقَائِلِ: "وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ وَقَالَ: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ" [1]، أَوْ: "لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى مُوسَى" [2]، مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالتَّفْضِيلِ[3] أَيْضًا؛ فَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ[4] فِي تَأْوِيلِهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَفْضِيلًا يُؤَدِّي إِلَى نَقْصِ بَعْضِهِمْ، قَالَ:
"وَقَدْ خَرَجَ الْحَدِيثُ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ لَطْمُ الْأَنْصَارِيِّ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ؛ فَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَافَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْفِعْلَةِ انْتِقَاصُ [حَقِّ] [5] مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [5]؛ فَنَهَى عَنِ التَّفْضِيلِ الْمُؤَدِّي إِلَى نَقْصِ الْحُقُوقِ".
قَالَ عِيَاضٌ[6]: "وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ هَذَا وَإِنْ عَلِمَ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَأَعْلَمَ بِهِ أُمَّتَهُ، لَكِنْ نَهَاهُ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ وَالْمُجَادَلَةِ بِهِ؛ إِذْ قَدْ يكون ذلك ذريعة إلى [1] أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين} 6/ 450-451/ رقم 3414"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم 4/ 1844 رقم 2373 بعد 159" عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تفضلوا بين أنبياء الله؛ فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السموات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قال: ثم ينفخ فيه أخرى؛ فأكون أول من بُعث -أو: في أول من بُعث- فإذا موسى عليه السلام آخذ بالعرش.." لفظ مسلم.
ولفظ البخاري: "لا تفضلوا بين أولياء الله". [2] أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم 4/ 1844/ رقم 2373 بعد 160"، وابن أبي شيبة في "المصنف" في "11/ 509"، وأحمد في "المسند" "3/ 31، 33" عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "لا تخيروني على موسى؛ فإن الناس....". [3] أي: التفضيل بين الأنبياء وتفضيله على موسى؛ فهو راجع للروايتين. "د". [4] في كتابه: "المعلِم بفوائد مسلم" "3/ 134". [5] زيادة من "المعلم"، وما بين المعقوفتين الأخريين من "المعلم" و"ط". [6] ونقله عنه الأبي في "إكمال إكمال العلم" "6/ 166".