responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموافقات نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 5  صفحه : 265
وَكَانُوا يَبْحَثُونَ عَنْ أَفْعَالِهِ[1] كَمَا يَبْحَثُونَ عَنْ أَقْوَالِهِ، وَهَذَا مِنْ أَشَدِّ الْمَوَاضِعِ عَلَى الْعَالِمِ الْمُنْتَصِبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ بَيَانٌ آخَرُ فِي بَابِ الْبَيَانِ؛ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَالْمَعْنَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ.
وَلَعَلَّ قَائِلًا يَقُولُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعْصُومًا، فَكَانَ عَمَلُهُ لِلِاقْتِدَاءِ مَحَلًّا بِلَا إِشْكَالٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ مَحَلٌّ لِلْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْكُفْرِ فَضْلًا عَنِ الْإِيمَانِ، فَأَفْعَالُهُ لَا يُوثَقُ بِهَا؛ فَلَا تَكُونُ مُقْتَدًى بِهَا.
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ إِنِ اعْتَبَرَ هَذَا الِاحْتِمَالَ فِي نَصْبِ أَفْعَالِهِ حُجَّةً لِلْمُسْتَفْتِي؛ فَلِيَعْتَبِرْ مِثْلَهُ فِي نَصْبِ أَقْوَالِهِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ فِيهَا الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَالْكَذِبُ عَمْدًا وَسَهْوًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا فِي الْأَقْوَالِ؛ لَمْ يَكُنْ[2] مُعْتَبَرًا فِي الْأَفْعَالِ، وَلِأَجْلِ هَذَا تُسْتَعْظَمُ شَرْعًا زَلَّةُ الْعَالَمِ كَمَا تَبَيَّنَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي بَابِ الْبَيَانِ؛ فَحَقٌّ[3] عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَنْتَصِبَ لِلْفَتْوَى بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَفْعَالِهِ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ؛ لِيُتَّخَذَ فِيهَا أُسْوَةً.
وَأَمَّا الْإِقْرَارُ؛ فَرَاجِعٌ [فِي الْمَعْنَى] إِلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ فِعْلٌ، وَكَفُّ الْمُفْتِي عَنِ الْإِنْكَارِ إِذَا رَأَى فِعْلًا مِنَ الْأَفْعَالِ كَتَصْرِيحِهِ بِجَوَازِهِ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْأُصُولِيُّونَ ذَلِكَ دَلِيلًا شَرْعِيًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَكَذَلِكَ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلى

[1] وصنفوا في حجيتها وأحكامها كتبًا ورسائل، منها: "المحقق من علم الأصول" لأبي شامة "ت665هـ"، و"تفصيل الإجمال" للعلائي، و"أفعال الرسول ودلالتها على الأحكام" لمحمد العروسي عبد القادر، و"أفعال الرسول" لمحمد الاشقر، وهو أوعبها وأحسنها.
[2] الفرق واضح بين الأقوال والأفعال بالوجدان والمشاهدة؛ فكثير من المنتصبين يزنون الفتوى القولية وزنًا تامًا، مع أن أفعالهم يكون فيها كثير من مخالفة ما يفتون الناس به؛ ترخصًا لأنفسهم، لا سيما في باب المكارم والمطلوبات على غير الوجوب، والمنهيات على غير الحرمة. "د".
[3] الحق والمطالبة به شيء، واتخاذ حجة شرعية شيء آخر. "د".
نام کتاب : الموافقات نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 5  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست