responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموافقات نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 5  صفحه : 240
بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْأُصُولِ، وَعَلَى هَذَا الْقِسْمِ عَوَّلَ مَنْ شُهِرَ مِنْ أَهْلِ التَّصَوُّفِ، وَبِذَلِكَ سَادُوا غَيْرَهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ مَبَالِغَهُمْ فِي الِاتِّصَافِ بِأَوْصَافِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ حَازَ مِنَ الدُّنْيَا نَصِيبًا فَافْتَقَرَ إِلَى النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْوَقَائِعِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ؛ فَأَجْرَوْهَا بِالْأُصُولِ الْأُولَى عَلَى حَسَبِ مَا اسْتَطَاعُوا، وَأَجْرَوْهَا بِالْفُرُوعِ الثَّوَانِي حِينَ اضْطُرُّوا إِلَى ذَلِكَ؛ فَعَامَلُوا رَبَّهُمْ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا[1] إِلَّا الْمُوَفَّقُ الْفَذُّ، وَهُوَ كَانَ شَأْنَ مُعَامَلَاتِ الصَّحَابَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ السِّيَرِ.
وَلَمْ تَزَلِ الْأُصُولُ يَنْدَرِسُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا لِكَثْرَةِ الِاشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا وَالتَّفْرِيعِ فِيهَا؛ حَتَّى صَارَتْ كَالنَّسْيِ الْمَنْسِيِّ، وَصَارَ طَالِبُ الْعَمَلِ بِهَا كَالْغَرِيبِ الْمُقْصَى عَنْ أَهْلِهِ، وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتِ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "بَدَأَ هَذَا الدِّينُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ؛ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ" [2].
فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْكُلِّيَّاتِ يُشَارِكُ الْجُمْهُورُ فِيهِ الْعُلَمَاءَ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا النَّظَرُ فِي الْجُزْئِيَّاتِ فَيَخْتَصُّ بِالْعُلَمَاءِ وَاسْتِقْرَاءُ مَا تَقَدَّمَ من الشريعة يبينه.

[1] في "د": "ذلك".
[2] مضى تخريجه "1/ 151"، وهو صحيح، وفي "ف": "بدا" من غير همز، وكتب "روي مهمزًا وغير مهموز*، أي أنه كان في أول مره كالغريب الوحيد لقلة المسلمين، وسيعود غريبًا كان، أي: يقل المسلمون في آخر الزمان لفساد الناس، وظهور الفتن؛ فطوبى للغرباء أولًا وآخرًا؛ لصبرهم على أذى الكفار، ولزومهم دين الإسلام، وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغرباء؛ فقال: "الذين يحيون ما أمات الناس من سنتى"**، وطوبى لهم؛ أي: قرة عين وخير لهم"، وفي "ط": "بدأ الإسلام".

* انظر في هذا: "شرح النووي" على صحيح مسلم" "2/ 176"، و"التدوين في تاريخ قزوين" "1/ 139".
** ورد هذا التفسير في حديث عمرو بن عوف، أخرجه البزار "رقم 3287 - زوائده"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "رقم 1052، 1053"، والبيهقي في "الزهد" "رقم 207"، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" "ص23"، وابن عبد البر في "الجامع" "2/ 120"، وعياض في "الإلماع" "ص18-19" بإسناد واه، وقد صح تفسير الغرباء بـ"النزاع" من القبائل، كما مضى تخريجه"1/ 151".
نام کتاب : الموافقات نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 5  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست