ذَلِكَ[1]، فَتَنَبَّهْ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَضَابِطُهُ أَنَّكَ تَعْرِضُ مَسْأَلَتَكَ عَلَى الشَّرِيعَةِ، فَإِنْ صَحَّتْ فِي مِيزَانِهَا، فَانْظُرْ فِي مَآلِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ ذِكْرُهَا إِلَى مَفْسَدَةٍ، فَاعْرِضْهَا فِي ذِهْنِكَ عَلَى الْعُقُولِ، فَإِنْ قَبِلَتْهَا، فَلَكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِيهَا إِمَّا عَلَى الْعُمُومِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا تَقْبَلُهَا الْعُقُولُ عَلَى الْعُمُومِ، وَإِمَّا عَلَى الْخُصُوصِ إِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَائِقَةٍ بِالْعُمُومِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَسْأَلَتِكَ هَذَا الْمَسَاغُ، فَالسُّكُوتُ عَنْهَا هُوَ الْجَارِي عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ.
فَصْلٌ:
هَذِهِ الْفِرَقُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالِ، فَلَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْأُمَّةِ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: "تَفْتَرِقُ أُمَّتِي"[1]، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِبِدْعَتِهَا تَخْرُجُ مِنَ الْأُمَّةِ لَمْ يُضِفْهَا إِلَيْهَا.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَوَارِجِ: "فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَذَا"[2]، فَأَتَى بـ"في"[3] المقتضية [1] انظر ما مضى عند المصنف "2/ 142-143". [2] مضى ذلك في أحاديث عديدة، منها المتقدم "ص145 وما بعدها". [3] انظر الهامش الآتي، وفي "ط": "يخرج في ... ".
4 مجرد ذكر "في" أو "من" كما في بعض الأحاديث لا يقتضي بقاءهم في أمة الإجابة، ألا ترى ما ورد في حديث مسلم: "سيكون في أمتي ثلاثون كذابًا، كلهم يدعى أنه نبي وأنه خاتم النبيين" *، فهذه الظرفية في الحديث وما ماثلها فيما هو صريح في الكفر لا يصح أن يستدل بها. =
* أخرجه بنحوه البخاري في صحيحه كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإسلام 7/ 616/ رقم 3606، وكتاب الفتن، باب منه 13/ 81/ رقم 1721، ومسلم في صحيحه كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش 3/ 1454/ رقم 1822، وكتاب الفتن باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة 4/ 2240/ رقم 157.