الْمَعْرِفَةِ بِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ.
وَلِذَلِكَ جَعَلَ النَّاسُ الْعِلْمَ مَعْرِفَةَ الِاخْتِلَافِ.
فَعَنْ قَتَادَةَ: "مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الِاخْتِلَافَ لَمْ يشمَّ أنفُه الْفِقْهَ"[1].
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ: "مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اخْتِلَافَ الْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ بِقَارِئٍ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ اخْتِلَافَ[2] الْفُقَهَاءِ فَلَيْسَ بِفَقِيهٍ"[3].
وَعَنْ عَطَاءٍ: "لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِاخْتِلَافِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ رَدَّ[4] مِنَ الْعِلْمِ مَا هُوَ أَوْثَقُ من الذي في يديه"[5]. [1] أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "2/ 814، 815/ رقم 1520، 1522". [2] أي: المبني على اختلاف أدلتهم؛ لأنه بدون ذلك لا يمكن ترجيح جانب الحق في المسألة ما لم يقف على دليل كل. "د". [3] أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "2/ 815-816/ رقم 1523". [4] يظهر هذا فيمن له القدرة على الترجيح، فإنه إذا لم يعلم اختلافهم وأدلة كل ربما كان ما في يده أضعف مدركًا مما لم يقف عليه، فإذا عرف الخلاف ومدرك كل أمكنه الترجيح، فلا يأخذ ضعيفًا ويترك قويًا، أما شبه العامي؛ فسيان عنده أن يعرف الخلاف وألا يعرف إن كان مثله يصح له أن يفتي؟! وفيه الخلاف المشهور. "د". [5] أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "2/ 816/ رقم 1524" بسنده إلى ضمرة بن ربيعة عن عثمان بن عطاء عن أبيه.
قلت: أبوه هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، وعثمان فيه كلام، انظر: "تهذيب الكمال" "19/ 441".