فَأَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَهُوَ الِاجْتِهَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِتَحْقِيقِ[1] الْمَنَاطِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي قَبُولِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ بِمُدْرَكِهِ الشَّرْعِيِّ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي تَعْيِينِ[2] مَحَلِّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِعَ إِذَا قَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطَّلَاقِ: [2]] وَثَبَتَ عِنْدَنَا مَعْنَى الْعَدَالَةِ[3] [شَرْعًا افترقنا إلى تعيين من حصلت [1] قال في "المنهاج": "تحقيق المناط هو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، أي إقامة الدليل على وجودها فيه، كما إذا اتفقا على أن العلة في الربا هي القوت، ثم يختلفان في وجودها في التين حتى يكون ربويًا" ا. هـ. وهذا لا يلزمه أن تكون العلة فيه ثبتت بالنص أو الإجماع، بل بأي طريق من الطرق التسعة تثبت، كما أنه لا يندرج فيما يسمى قياسًا، بل هو مجرد تطبيق الكلي على جزئياته. "د".
وكتب "ف" و"م" هنا ما نصه: "تحقيق المناط عند الأصوليين أن يقع الاتفاق على كلية وصف بنص أو إجماع؛ فيجتهد الناظر في وجوده في صورة النزاع التي خفي فيها وجود العلة، كتحقيق أن النباش سارق؛ فالوصف -وهو السرقة- علم أنه مناط الحكم، وبقي النظر في تحقيق وجوده في هذه الصورة، قال الغزالي: "وهذا النوع من الاجتهاد لا خلاف فيه بين الأمة"، والمصنف توسع فيه إلى [وفي "م": على] ما ترى".
قلت: انظر في ذلك: "الإحكام" "3/ 435" للآمدي، و"البحر المحيط" "3/ 268"، و"تيسير التحرير" "4/ 42-43"، و"المحلي على جمع الجوامع" "3/ 293"، "3/ 293"، "والإبهاج" "3/ 57"، و"نشر البنود" "2/ 207"، و"إرشاد الفحول" "222"، و"شرح اللمع" "2/ 815"، و"مباحث العلة في القياس" "517"، و"مجموع فتاوي ابن تيمية" "13/ 111، 254، 255 و22/ 329/ 330". [2] أي: في تطبيقه على الجزئيات والحوادث الخارجية، سواء أكان نفس الحكم ثابتًا بنص أم إجماع أم قياس. "د". [3] وهي ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، وملازمة التقوى تكون باجتناب الكبائر، والمروءة صون النفس عن الأدناس وما يشينها عند الناس، والشرط في الرواية والشهادة أدناها، وهو ترك الكبائر، وترك الإصرار على صغيرة، وترك الإصرار على ما يخل بالمروءة، هكذا عرفها الأصوليون، وعليه لا يدخل: "الطرف الآخر" الذي ذكره في جزئياتها، وهو ظاهر، وإن أوهم قوله: "وطرف آخر" غير ذلك؛ إلا أنه قوله: "في الخروج عن مقتضى الوصف" يكشف عن قصده، وهو أن =