وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوَاجِدَ لِلْمَاءِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ يَتَوَضَّأُ وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ، وَبَعْدَ إِتْمَامِهَا وَخُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ[1] دَائِرٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ثَمَرَةَ الشَّجَرَةِ إِذَا لَمْ تَظْهَرْ تَابِعَةً لِلْأَصْلِ فِي الْبَيْعِ، وَعَلَى أَنَّهَا غَيْرُ تَابِعَةٍ لَهَا إِذَا جُذَّتْ، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا إِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً، وَإِذَا أَفْتَى وَاحِدٌ وَعَرَفَهُ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ، وَأَقَرُّوا بِالْقَبُولِ فَإِجْمَاعٌ بِاتِّفَاقٍ، أَوْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ؛ فَغَيْرُ إِجْمَاعٍ بِاتِّفَاقٍ، فَإِنْ سَكَتُوا[2] مِنْ غَيْرِ ظُهُورِ إِنْكَارٍ؛ فَدَائِرٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، فَلِذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْمُبْتَدِعُ بِمَا يَتَضَمَّنُ[3] كُفْرًا مِنْ غَيْرِ إِقْرَارٍ بِالْكُفْرِ دَائِرٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ؛ فَإِنَّ الْمُبْتَدِعَ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ[4] كُفْرًا مِنَ الْأُمَّةِ، وَبِمَا اقْتَضَى كُفْرًا مُصَرِّحًا به[5] ليس [1] أي: من صلى بالتيمم صلاة صحيحة ثم بعد تمامها وقبل خروج الوقت؛ وجد الماء. "د".
قلت: وتدخل في عبارة المصنف "وما بين ذلك" أيضًا رؤية الماء في الصلاة بتيمم، هل يبطلها بإبطال التيمم أم لا؟ قال أبو حنيفة: "يبطله"، وهذا مذهب أحمد، وقال الشافعي: "لا يبطله"، وهذا مذهب مالك، انظر بسط المسألة مع الأدلة في "الخلافيات" "2/ 449، 459/ رقم 26 مع تعليقي عليه"، والله الموفق.
ومنه تعلم دقة المصنف في عباراته. [2] أي: وكان ذلك قبل استقرار المذاهب، أي كان في العصر الذي فيه البحث عن المذاهب، أما إن كان بعد استقرارها؛ فالسكوت لا يدل على الموافقة قطعًا؛ إذ لا عادة بإنكاره حينئذ، فلم يكن إجماعًا ولا حجة قطعًا، أما قبل ذلك؛ فالعادة الإنكار عند عدم الموافقة، فجاء الخلاف، فالشافعي يقول: "لا هو إجماع ولا هو حجة"، والجمهور إجماع أو حجة وليس بإجماع قطعي، والجبائي إجماع انقراض العصر. "د". [3] في "د" و"ط": "بما لا يتضمن"!! والصواب حذف "لا". [4] كالابتداع في الفروع التي ليست قطعية ولا معلومة من الدين بالضرورة؛ فهذا باتفاق ليس بكفر. "د". [5] كغلاة الخوارج والروافض؛ كالخطابية من هؤلاء الذين يقولون: إن عليًا الإله الأكبر، والحسنان ابنا الله، وجعفر إله، لكن أبو الخطاب رئيسهم أفضل منه ومن عليٍّ؛ فهذا كفر باتفاق "د".
قلت: انظر عن الخطابية: "الفرق بين الفرق" "215"، و"الحور العين" "169"، و"البرهان" "38" للسكسكي، و"الغلو والفرق الغالية" "99".