فَصْلٌ:
وَقَدْ أَذْكُرُ هَذَا الْمَعْنَى جُمْلَةً مِمَّا فِي اتِّبَاعِ[1] رُخَصِ الْمَذَاهِبِ مِنَ الْمَفَاسِدِ، سِوَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَضَاعِيفِ الْمَسْأَلَةِ؛ كَالِانْسِلَاخِ مِنَ الدِّينِ بِتَرْكِ اتِّبَاعِ الدَّلِيلِ[2] إِلَى اتِّبَاعِ الْخِلَافِ، وَكَالِاسْتِهَانَةِ بِالدِّينِ إِذْ يَصِيرُ بِهَذَا الِاعْتِبَارُ سَيَّالًا لَا يَنْضَبِطُ[3]، وَكَتَرْكِ[4] مَا هُوَ مَعْلُومٌ إلى ما ليس بمعلوم؛ لأن المذاهب [1] راجع "التحرير" لابن الكمال* في الأصول في باب التقليد؛ فقد أجاز تتبع رخص المذاهب، وقال شارحه: "لكن ما نقل عن ابن عبد البر: "لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعًا" إن صح احتاج إلى جواب، ويمكن أن يقال: لا نسلم صحة الإجماع، فقد روي عن أحمد عدم تفسيق متتبع الرخص في رواية أخرى وعن أبي هريرة أنه لا يفسق. "د".
قلت: انظر رسالة: "زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء"؛ ففيها جمع مستطاب في المنع من تتبع رخص المذاهب، والمفاسد المترتبة على ذلك. [2] كما يقول الله تعالى: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ} الآية [النساء: 59] "د". [3] فلا يحجر النفوس عن هواها ولا يقفها عند حد. "د". [4] هذه المفسدة قاصرة على حالة ما إذا لم تعلم المسألة المقلد فيها بتفاصليها في المذهب الآخر، كما كان الحال في ذلك الزمان، أما الآن؛ فقد ترتفع هذه المفسدة. "د".
* كذا في الأصل ولعل صوابه: "لابن الهمام. الكلام....".