responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموافقات نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 4  صفحه : 138
وَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِي الْقُرْآنِ مُتَشَابِهًا؛ بَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْلِيفٌ إِلَّا الْإِيمَانُ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ، لَا عَلَى مَا يَفْهَمُ الْمُكَلَّفُ مِنْهُ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ....} إِلَى قَوْلِهِ: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آلِ عِمْرَانَ: 7] .
وَالنَّاسُ في المتشابه[1] المراد ههنا عَلَى مَذْهَبَيْنِ[2]: فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَهُ؛ فَلَيْسَ بِمُتَشَابِهٍ عَلَيْهِمْ وَإِنْ تَشَابَهَ عَلَى غَيْرِهِمْ، كَسَائِرِ الْمُبَيِّنَاتِ الْمُشْتَبِهَةِ عَلَى غَيْرِ الْعَرَبِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ النَّاسِ، وَمَنْ قَالَ إِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَهُ وَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 7] ؛ فَالتَّكْلِيفُ بِمَا يُرَادُ بِهِ مَرْفُوعٌ بِاتِّفَاقٍ؛ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مُجْمَلٌ لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ ثُمَّ يُكَلَّفُ بِهِ، وَهَكَذَا إِذَا قُلْنَا: إِنِ الرَّاسِخِينَ هُمُ الْمُخْتَصُّونَ بِعِلْمِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ فَذَلِكَ الْغَيْرُ لَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ بِمُقْتَضَاهُ، مَا دَامَ مُشْتَبِهًا عَلَيْهِمْ؛ حَتَّى يَتَبَيَّنَ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَفِعُ تَشَابُهُهُ؛ فَيَصِيرُ كَسَائِرِ الْمُبَيَّنَاتِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَثْبَتَ الْقُرْآنُ مُتَشَابِهًا فِي الْقُرْآنِ، وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ فِي الشَّرِيعَةِ مُشْتَبِهَاتٍ بِقَوْلِهِ: "الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ" [3]، وَهَذِهِ الْمُشْتَبِهَاتُ مُتَّقَاةٌ[4] بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ لِقَوْلِهِ: "فَمَنِ اتَّقَى الشُّبَهَاتِ استبرأ لدينه

[1] وهو المتشابه الحقيقي، وهو ما لم يجعل لنا سبيل إلى فهم حقيقة المراد منه ولا نصب دليل على ذلك. "د".
[2] انظر لزامًا ما قدمناه "3/ 319".
[3] قطعة من حديث أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، 1/ 126/ رقم 52، وكتاب البيوع، باب الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، 4/ 290/ رقم 2051"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، 3/ 1219-1220/ رقم 1599" عن النعمان بن بشير, رضي الله عنه.
[4] في الأصل: "متلقاة" وفي "ط": "متعلقات".
نام کتاب : الموافقات نویسنده : الشاطبي، إبراهيم بن موسى    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست