وَأَيْضًا، فَإِنَّمَا تَأْخُذُهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ[1]، وَأَعْمَالُهُمْ لَمْ تَتَمَحَّضْ لِلشَّرِّ خَاصَّةً، فَلَا تَأْخُذُهُمُ النَّارُ أَخْذَ مَنْ لَا خَيْرَ فِي عَمَلِهِ عَلَى حَالٍ، وَهَذَا كَافٍ فِي حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ النَّاشِئَةِ عَنِ[2] الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، ثُمَّ الرَّجَاءُ الْمُعَلَّقُ بِقَلْبِ الْمُؤْمِنِ رَاحَةٌ مَا، حَاصِلَةٌ لَهُ مَعَ التَّعْذِيبِ، فَهِيَ تُنَفِّسُ عَنْهُ مِنْ كُرَبِ النَّارِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْجُزْئِيَّةِ الْآتِيَةِ فِي الشَّرِيعَةِ، مَنِ اسْتَقْرَاهَا أَلْفَاهَا.
وَأَمَّا كَوْنُ الْأَوَّلِ مَحْضًا، فَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِيعَةِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزُّخْرُفِ: 75] .
وَقَوْلِهِ: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} الآية [الحج: 19]
وقوله: {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [طه: 74] .
وَهُوَ أَشَدُّ مَا هُنَالِكَ، إِلَى سَائِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبْعَادِ مِنَ الرَّحْمَةِ.
وَفِي الْجَنَّةِ آيَاتٌ أُخَرُ وَأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنْ لا عذاب ولا مشقة ولا [1] يشير المصنف إلى ما أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين، 4/ 2185" عن سمرة مرفوعا: "إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى عنقه".
وفي لفظ: "منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته".
وفي لفظ: "حقويه" مكان "حجزته".
وفي "صحيح مسلم "رقم 185" عن أبي سعيد ضمن حديث: "ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم".
وانظر: "الباب الثامن والعشرين في ذلك حال الموحدين في النار، وخروجهم منها برحمة أرحم الراحمين وشفاعة الشافعين" من كتاب ابن رجب: "التخويف من النار" بتحقيقنا يسر الله إتمامه ونشره، ففيه كثير من الأحاديث تدل على ما ذكره المصنف، والله الموفق. [2] هكذا في الأصل و"ط"، وفي النسخ المطبوعة: "من".