كَون شرائع مَعَهم لم ينقلوها وَلَا يجوز أَن يكون كل مَا نقل بأخبار الْآحَاد لم يقلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل فِي الْعَادة أَن تكون هَذِه الْأَخْبَار على كثرتها كَاذِبَة وَلَا يجوز أَن تَتَضَمَّن عبادات تخْتَص من عاصر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن أَكْثَرهَا خطاب لأهل عصره وَلمن يَأْتِي بعده فَثَبت أَنه إِنَّمَا وَجب عَلَيْهِ أَن يبين بعض شَرعه لمن لَا يتواتر الْخَبَر بنقله وَإِن كَانَ بَيَانا لمن بعده وَفِي ذَلِك وجوب الْعَمَل بِهِ على من بعدهمْ الْجَواب إِن الْمُخَالف يَقُول إِنَّه لَا يمْتَنع أَن يكون بعض أَخْبَار الْآحَاد كذبا وَبَعضهَا عبادات تخْتَص أهل ذَلِك الْعَصْر وَبَعضهَا قد أَدَّاهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى من يتواتر الْخَبَر بنقله لَكِن بَعضهم نَقله دون بعض وَأَخْطَأ بَعضهم وَذَلِكَ غير مُمْتَنع وَيكون لُزُوم ذَلِك لنا مَشْرُوطًا بتواتر الْخَبَر إِلَيْنَا وَقَوْلهمْ إِن جَوَاز ذَلِك يَقْتَضِي جَوَاز كتمانهم شرائع كَثِيرَة فَذَلِك لَا يلْزم من لم يقل بأخبار الْآحَاد لِأَن عِنْدهم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بَين الْعِبَادَات للْجَمَاعَة الْكَثِيرَة وَالْعَادَة تمنع من كتمان أجمعهم مَعَ مَا علمناه من توفر دواعي الْأمة إِلَى نقل السّنَن وَالْأَخْبَار على أَنه لَا بُد من أَن يبلغ ذَلِك جَمِيع أهل الْعَصْر فاجتماعهم على كِتْمَانه اجْتِمَاع من الْأمة على الْخَطَأ وَذَلِكَ لَا يجوز
وَمِنْهَا أَنه قد تَوَاتر النَّقْل بانفاذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعاته إِلَى الْقَبَائِل والمدن لأخذ الزكوات وَتَعْلِيم الْأَحْكَام كإنقاذه معَاذًا إِلَى الْيمن ليفقههم فِي دينهم وَيقبض زكواتهم وَقد وَجب عَلَيْهِم الْمصير إِلَى رِوَايَته فِي نصب الزَّكَاة وَفِي فروعها وَقد كَانَ يرد على رَسُول الله الْوَاحِد والاثنان يخبران باسلامهما وَإِسْلَام قومهما ويسألان أَن ينفذ من يعلمهُمْ شرائع الْإِسْلَام وَكَانَ ينفذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم الرجل الْوَاحِد كانفاذه أَبَا عُبَيْدَة وَغَيره وَالْعلم بذلك ظَاهر لمن قَرَأَ الْأَخْبَار وَالسير وَلَا يُمكن دَفعه وَلم يكن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ينفذ إِلَيْهِم الْجَمَاعَات الْكَثِيرَة وَلَو فعل ذَلِك لم يكن أهل الْمَدِينَة ليفوا بِمن أسلم من الْقَبَائِل وَلَا أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أهل الْقبْلَة أَن تصير بأجمعها إِلَيْهِ أَو أَكْثَرهَا لتعرف شَرعه بل أوجب عَلَيْهِم الْمصير إِلَى مَا يُؤَدِّيه رَسُوله فان قيل أَلَيْسَ كَانُوا يعْرفُونَ التَّوْحِيد والنبوة وَذَلِكَ لَا يعْمل فِيهِ بأخبار الْآحَاد قيل أما التَّوْحِيد فالمرجع