وَتَكون من الْفُرُوع حَتَّى يتواتر نقلهَا وعَلى هَذَا جرى الْأَمر فِي تحول أهل قبا عَن الْقبْلَة
إِن قيل لَو كَانَ المُرَاد بِالْآيَةِ خبر الْوَاحِد لما دلّت على وجوب الْعَمَل بِهِ من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَنه لَا يمْتَنع أَن يجب الْإِنْذَار على من خرج للتفقه وَلَا يجب على الْمُنْذر الْقبُول كَمَا يجب على الشَّاهِد أَن يشْهد وَلَا يجب على الْحَاكِم أَن يحكم بِشَهَادَتِهِ وَيجب على كل وَاحِد من المتواترين أَن يُخبرهُ وَلَا يجب على السَّامع أَن يَقُول على خَبره وَحده فِيمَا طَريقَة الْعلم وَيجب على من خوف بِالْقَتْلِ إِن لم يدْفع مَاله أَن يَدْفَعهُ ويقبح من الْمخوف أَخذه قيل إِنَّا لم نستدل على وجوب الْمصير إِلَى الْإِنْذَار بِوُجُوب الْإِنْذَار وَإِنَّمَا استدللنا يَقُوله عز وَجل {لَعَلَّهُم يحذرون} وَذَلِكَ إِمَّا أَن يكون تعبدا بالحذر أَو إِبَاحَة لَهُ وَأي الْأَمريْنِ كَانَ فقد بَطل مَذْهَب الْخصم إِذْ قد بَينا أَن الحذر لَا يكون إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى مُوجب الْخَبَر
وَالْوَجْه الآخر قَوْلهم يجوز أَن يكون أوجب على من نفر الْإِنْذَار لكَي يحذر من سَمعه إِذا انضاف إِلَى الْمُنْذر غَيره حَتَّى يتواتر إِنْذَارهم وإخبارهم قيل فاذن إِنَّمَا يحذرون عِنْد تَوَاتر الْخَبَر لَا عِنْد إنذار من نفر مِنْهُم للتفقه وَالْآيَة تَقْتَضِي أَن يحذروا عِنْد إنذاره ولأجله كَمَا أَن الْإِنْسَان إِذا قَالَ لغيره جَالس الصَّالِحين لَعَلَّك تصلح أَفَادَ ذَلِك كَون مجالستهم سَببا لصلاحه لَا غير لِأَنَّهُ مَا علق صَلَاحه إِلَّا بِهِ فَكَذَلِك قَوْله {ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون}
دَلِيل أَجمعت الصَّحَابَة على الْعَمَل بِخَبَر لَا يقطع على مغيبه لِأَنَّهُ لما اشْتبهَ