إِن قيل لم قُلْتُمْ إِن الْآيَة تدل على التَّعَبُّد بِالرُّجُوعِ إِلَى قَول الطَّائِفَة قيل إِنَّمَا تعبدها بانذار قَومهَا لكَي يحذر فتعبد قَومهَا بالحذر وَلَيْسَ يَخْلُو إِذا أخبرتم الطَّائِفَة بِوُجُوب فعل أَو تَحْرِيمه إِمَّا أَن يلْزمهَا الْمصير إِلَى قَول الطَّائِفَة أَو يلْزمهَا الْإِمْسَاك عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ من فعل أَو ترك أَو أَن يخرج جماعتها أَو من يقوم بِالْحجَّةِ بنقله إِلَى الْآفَاق لاستبانة الْخَبَر وَالْقسم الأول هُوَ قَوْلنَا وَالثَّانِي يرجع إِلَيْهِ لأَنا إِن كُنَّا نشرب النَّبِيذ فخبرنا الطَّائِفَة بِتَحْرِيمِهِ فإيجاب إمساكنا عَن شربه هُوَ تَحْرِيم شربه وَإِن كُنَّا تاركين لبَعض الصَّلَوَات فأخبرونا بِوُجُوبِهَا فوجوب إمساكنا عَن الْإِخْلَال بهَا هُوَ إِيجَاب فعلنَا فَبَان رُجُوع هَذَا الْقسم إِلَى الْقسم الأول بِخِلَاف مَا ظَنّه بَعضهم وَإِن وَجب على جماعتنا أَو على أكثرنا الْخُرُوج من الأوطان إِلَى الْآفَاق ليعلموا صَحِيح الحَدِيث من باطله لم يَصح بِالْإِجْمَاع لِأَن أحدا من الْأمة لم يُوجب على اهل الْقرى فِي عصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعصر من بعده أَن يخرجُوا أَو أَكْثَرهم إِذا لم تقم الْحجَّة بِنَقْل الطَّائِفَة إِلَيْهِم ويتركوا بِلَادهمْ كلما سمعُوا بِخَبَر يتَضَمَّن فعلا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى أَن لَا يستقروا فِي بِلَادهمْ قبل اسْتِقْرَار السّنَن
إِن قيل قَوْلكُم إِن الْمَذْكُور فِي الْآيَة هُوَ خبر الْوَاحِد بَاطِل من وُجُوه
مِنْهَا أَنه عز وَجل تعبد من كل فرقة طَائِفَة بالتفقه والإنذار لقومهم وهم مَجْمُوع الْفرق لِأَن مَجْمُوع الطوائف هم قوم الْفرق فَلَا يمْتَنع أَن يكون مَجْمُوع الطوائف من يتواتر الْخَبَر بنقلهم الْجَواب أَنه لَا يجوز أَن يكون أَرَادَ مَجْمُوع الطوائف ينذر كل فرقة لِأَنَّهَا لم يكن عِنْد كل طَائِفَة فرقة فَتكون رَاجِعَة إِلَيْهَا وَقَوله {ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم} يدل على أَنهم كَانُوا عِنْدهم وَهَذَا إِنَّمَا يتم فِي كل فرقة مَعَ طائفتها
وَمِنْهَا أَن قَوْله {ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا} يدل على أَنه أَرَادَ