يسلم ذَلِك خصوصهم على أَن لفظ الْعُمُوم إِنَّمَا يسْتَغْرق مَا دخل عَلَيْهِ وَإِذا كَانَ مَعَه اسْتثِْنَاء فَهُوَ دَاخل على مَا عدا المستثني وَهُوَ مُسْتَغْرق لَهُ فَلم يكن الِاسْتِثْنَاء نقضا من ذَلِك لَفْظَة كل تَقْتَضِي استغراق مَا دخلت عَلَيْهِ لِأَنَّك إِذا قلت ضربت كل من فِي الدَّار استغرقت لَفْظَة كل جَمِيع من فِي الدَّار لَا غَيرهم وَإِذا قلت ضربت كل رجل طَوِيل كَانَ ذَلِك مُسْتَغْرقا لكل طَوِيل لَا غير فَكَذَلِك قَوْلك كل رجل فِي الدَّار إِلَّا بني تَمِيم مَعْنَاهُ كل من عدا بني تَمِيم فلفظة كل دخلت على من عداهم فاستغرقتهم فاذا اسْتعْملت لَفْظَة كل فِي هَذَا الْموضع فِي غير ظَاهرهَا فَيكون الِاسْتِثْنَاء نقضا لَهَا وعَلى أَنه لَو كَانَ ظَاهر الْعُمُوم الِاسْتِغْرَاق على كل حَال وَالِاسْتِثْنَاء قد صيرها مجَازًا لم يلْزم أَن يكون نقضا لِأَن مَا دلّ على أَن الْكَلِمَة مجَاز لَا يكون نقضا لَهَا كالقرينة الدَّالَّة على أَن قَوْلنَا أَسد مُسْتَعْمل فِي الرجل الشجاع فان قيل لَو لم يكن قَول الْقَائِل ضربت كل من فِي الدَّار إِلَّا بني تَمِيم نقضا وقبيحا لَكَانَ قَوْله ضربت كل من فِي الدَّار لم أضْرب كل من فِي الدَّار غير مناقضة وَلَا قبيحا قيل هَذَا لكم ألزم لأنكم تذهبون إِلَى أَن لَفْظَة كل حَقِيقَة فِي الِاسْتِغْرَاق وَفِي الْبَعْض أَيْضا وَيحسن عنْدكُمْ الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا لِأَنَّهُ يدل على أَن لفظ الْعُمُوم مُسْتَعْمل فِي إِحْدَى حقيقتيه فَيلْزم أَن يحسن أَن يَقُول الْإِنْسَان ضربت كل من فِي الدَّار لم أضْرب كل من فِي الدَّار ليدل بذلك على أَنه اسْتعْمل لَفْظَة كل فِي إِحْدَى حقيقتيها وَهِي الْبَعْض وَالْفرق عندنَا بَين الْمَوْضِعَيْنِ أَن الِاسْتِثْنَاء لما لم يسْتَقلّ بِنَفسِهِ وَجب تَعْلِيقه بِمَا تقدم وَذَلِكَ يدل على أَن الْمُتَكَلّم بالمستثنى مِنْهُ مَا استوفى غَرَضه مِنْهُ لِأَنَّهُ مَا عدل عَنهُ أَلا ترى أَنه قد قَيده بِمَا لَا يسْتَقلّ إِلَّا مَعَه وَإِذا لم يكن عادلا عَن الْكَلَام بِالِاسْتِثْنَاءِ صَار الِاسْتِثْنَاء جُزْء من الْجُمْلَة وَصَارَ مَجْمُوع الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ كالجملة الْوَاحِدَة وَدلّ مجموعها على استغراق مَا عدا الْمُسْتَثْنى وَلَيْسَ كَذَلِك قَول الْقَائِل ضربت كل من فِي الدَّار لم أضْرب كل من فِي الدَّار لِأَن كل وَاحِدَة من الجملتين مُسْتَقلَّة بِنَفسِهَا لَا يجب أَن تعلق الثَّانِيَة بِالْأولَى فعدول الْمُتَكَلّم من