تكون الصَّلَاة مصلحَة فِي رد وَدِيعَة فاذا فعلهَا فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة خرجت الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَمْلُوكَة من أَن تكون لطفا فِي رد الْوَدِيعَة وَلِهَذَا جَازَ أَن يَقُول الله سُبْحَانَهُ لَا تصلوا فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة فان صليتم فِيهَا فالفرض قد سقط عَنْكُم قيل الَّذِي ذكرته إِن جَازَ فانا لَا نتنبه إِلَّا بِدلَالَة زَائِدَة وَمَتى لم يدل عَلَيْهِ دَلِيل زَائِد وَجب نَفْيه لِأَن الْأُمُور الثَّابِتَة مَتى لم يدل عَلَيْهَا دَلِيل وَجب نَفيهَا أَلا ترى أَن الصَّلَاة السَّادِسَة يجب نَفيهَا لما لم يدل على إِثْبَاتهَا دَلِيل زَائِد فَلَو قَالَ الله عز وَجل إِن صليتم فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة أجزأتكم كَانَ ذَلِك دَلِيلا على سُقُوط الْفَرْض وَلَا يجب لأجل ذَلِك تَجْوِيز سُقُوط الْفَرْض بِهَذِهِ الصَّلَاة إِذا لم يدلنا الله سُبْحَانَهُ على ذَلِك أَلا ترى أَنه كَانَ يجوز أَن يَقُول صلوا بِطَهَارَة فان صليتم بِغَيْر طَهَارَة أجزأتكم وَلَا يدل ذَلِك على أَنه لَو لم يقل فان صليتم بِغَيْر طَهَارَة أجزأتكم على أَنَّهَا إِن صلى الْإِنْسَان بِغَيْر طَهَارَة أَجزَأَهُ أَو لَا ترى أَنه كَانَ يجوز أَن يَقُول صلوا فان تصدقتم قَامَ ذَلِك مقَام الصَّلَاة وَلم يلْزم من ذَلِك تَجْوِيز قيام الصَّدَقَة مقَام الصَّلَاة إِذا لم يقل الله ذَلِك فَكَذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا
فان قيل فَيجب على مَا ذكرْتُمْ أَن يكون الدَّال على فَسَاد الْعِبَادَة هُوَ فقد دَلِيل يدل على أَن الْمنْهِي عَنهُ مقَام الْعِبَادَة الْمَأْمُور بهَا قيل إِنَّه لَا يصحل الْعلم بِفساد الْفِعْل إِلَّا مَعَ الْعلم بورود التَّعَبُّد بِالْفِعْلِ وبالنهي عَن إِيقَاعه على بعض الْوُجُوه وبفقده دلَالَة تدل على أَن الْمنْهِي عَنهُ يقوم مقَام الْعِبَادَة أَلا ترى أَنه مَتى اخْتَلَّ وَاحِد من ذَلِك اخْتَلَّ علمنَا بِالْفَسَادِ وَأما أَن الدَّلِيل هُوَ فقد دلَالَة تدل على أَن الْمنْهِي عَنهُ لَا يقوم مقَام الْعِبَادَة أَو أَن الدَّلِيل على ذَلِك هُوَ النَّهْي فَذَلِك كَلَام فِي عبارَة ومرادنا بقولنَا إِن النَّهْي يدل على فَسَاد هُوَ مَا ذَكرْنَاهُ لَا غير فَأَما إِن فسر فَسَاد الْفِعْل بِوُجُوب قَضَائِهِ وَأُرِيد بذلك وجوب الْقَضَاء قبل انْقِضَاء وَقت الْعِبَادَة فقد بَينا أَنا نعلم ذَلِك تبعا لعلمنا بِفساد الْعِبَادَة وَإِن أُرِيد بذلك وجوب الْقَضَاء بعد خُرُوج الْوَقْت فالنهي لَا يدل على ذَلِك لِأَن الْقَضَاء فرض ثَان فَلَيْسَ فَاعل الْعِبَادَة على الْوَجْه الْمنْهِي عَنهُ بِأَسْوَأ حَالا من