responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 95
مَنْعُ الزِّيَادَةِ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ بَلْ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَلَا يَقُولُونَ بِهِ وَلَا نَقُولُ بِهِ هَهُنَا ثُمَّ رَفْعُ الْمَفْهُومِ كَتَخْصِيصِ الْعُمُومِ، فَإِنَّهُ رَفْعُ بَعْضِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَيَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. ثُمَّ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَرَدَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ وَاسْتَقَرَّ ثُمَّ وَرَدَ التَّغْرِيبُ بَعْدَهُ، وَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ، بَلْ لَعَلَّهُ وَرَدَ بَيَانًا لِإِسْقَاطِ الْمَفْهُومِ مُتَّصِلًا بِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: التَّفْسِيقُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَانِينَ، فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهَا زَالَ تَعَلُّقُهُ بِهَا.
قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ التَّفْسِيقُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ بِالْقَذْفِ لَا بِالْحَدِّ، وَلَوْ سَلَّمْنَا لَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا تَابِعًا لِلْحَدِّ لَا مَقْصُودًا وَكَانَ كَحِلِّ النِّكَاحِ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَتَصَرُّفُ الشَّرْعِ فِي الْعِدَّةِ بِرَدِّهَا مِنْ حَوْلٍ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ لَيْسَ تَصَرُّفًا فِي إبَاحَةِ النِّكَاحِ بَلْ فِي نَفْسِ الْعِدَّةِ وَالنِّكَاحُ تَابِعٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ زِيدَ شَرْطُ الطَّهَارَةِ فَهَلْ هُوَ نَسْخٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ كَانَ حُكْمُ الْأَوَّلِ إجْزَاءَ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَنُسِخَ إجْزَاؤُهَا وَأُمِرَ بِصَلَاةٍ مَعَ طَهَارَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَيَلْزَمُكُمْ الْمَصِيرُ إلَى إجْزَاءِ طَوَافِ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَلَمْ يَشْرُطْ الطَّهَارَةَ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنَعَ الْإِجْزَاءَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» وَهُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَضَى بِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ يُؤَثِّرُ فِي إيجَابِ الطَّهَارَةِ أَمَّا فِي إبْطَالِ الطَّوَافِ وَإِجْزَائِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْكِتَابِ فَلَا. قُلْنَا لَوْ اسْتَقَرَّ قَصْدُ الْعُمُومِ فِي الْكِتَابِ وَاقْتَضَى إجْزَاءَ الطَّوَافِ مُحْدِثًا وَمَعَ الطَّهَارَةِ فَاشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ رَفْعٌ وَنَسْخٌ وَلَا يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَلَكِنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِأَصْلِ الطَّوَافِ وَيَكُونَ بَيَانُ شُرُوطِهِ مَوْكُولًا إلَى الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَيَكُونُ قَوْلُهُ بَيَانًا وَتَخْصِيصًا لِلْعُمُومِ لَا نَسْخًا، فَإِنَّهُ نُقْصَانٌ مِنْ النَّصِّ لَا زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، لِأَنَّ عُمُومَ النَّصِّ يَقْتَضِي إجْزَاءَ الطَّوَافِ بِطَهَارَةٍ وَغَيْرِ طَهَارَةٍ فَأَخْرَجَ خَبَرُ الْوَاحِدِ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ فَهُوَ نُقْصَانٌ مِنْ النَّصِّ لَا زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا إنْ اسْتَقَرَّ الْعُمُومُ قَطْعًا وَبَيَانًا إنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ، وَلَا مَعْنَى لِدَعْوَى اسْتِقْرَارِهِ بِالتَّحَكُّمِ.
وَهَذَا نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] ، فَإِنَّهُ يَعُمُّ الْمُؤْمِنَةَ وَغَيْرَ الْمُؤْمِنَةِ، فَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ إذْ قَدْ يُرَادُ بِالْآيَةِ ذِكْرُ أَصْلِ الْكَفَّارَةِ وَيَكُونُ أَمْرًا بِأَصْلِ الْكَفَّارَةِ دُونَ قُيُودِهَا وَشُرُوطِهَا، فَلَوْ اسْتَقَرَّ الْعُمُومُ وَحَصَلَ الْقَطْعُ يَكُونُ الْعُمُومُ مُرَادًا لَكَانَ نَسْخُهُ وَرَفْعُهُ بِالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ مُمْتَنِعًا. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا قَوْلُكُمْ فِي تَجْوِيزِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ هَلْ هُوَ نَسْخٌ لِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ؟ قُلْنَا: لَيْسَ نَسْخًا لِإِجْزَائِهِ وَلَا لِوُجُوبِهِ لَكِنَّهُ نَسْخٌ لِتَضْيِيقِ وُجُوبِهِ وَتَعَيُّنِهِ وَجَاعِلٌ إيَّاهُ أَحَدَ الْوَاجِبَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْكِتَابُ أَوْجَبَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى التَّضْيِيقِ. قُلْنَا: قَدْ بَقِيَ تَضْيِيقُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَلْبَسْ خُفًّا عَلَى الطَّهَارَةِ وَأُخْرِجَ مِنْ عُمُومِهِ مَنْ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَذَلِكَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] الْآيَةَ، تُوجِبُ إيقَافَ الْحُكْمِ عَلَى شَاهِدَيْنِ، فَإِذَا حُكِمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَقَدْ رُفِعَ إيقَافُ الْحُكْمِ فَهُوَ نَسْخٌ.
قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تَقْتَضِي إلَّا كَوْنَ الشَّاهِدَيْنِ حُجَّةً وَجَوَازَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِمَا، أَمَّا امْتِنَاعُ الْحُكْمِ بِحُجَّةٍ أُخْرَى فَلَيْسَ مِنْ الْآيَةِ بَلْ هُوَ كَالْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ، وَذِكْرُ حُجَّةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَمْنَعُ وُجُودَ حُجَّةٍ أُخْرَى. وَقَوْلُهُمْ ظَاهِرُ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست