responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 77
الِاسْمِ مَجَازًا أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ الْحَائِضُ لَمْ تَكُنْ عَاصِيَةً فَكَيْفُ تُؤْمَرُ بِمَا تَعْصِي بِهِ لَوْ فَعَلَتْهُ؟ وَلَيْسَ الْحَيْضُ كَالْحَدَثِ، فَإِنَّ إزَالَتَهُ تُمْكِنُ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ تَنْوِي قَضَاءَ رَمَضَانَ؟ قُلْنَا: إنْ عَنَيْتَ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَنْوِي قَضَاءَ مَا صَنَعَ الْحَيْضُ مِنْ وُجُوبِهِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ عَنَيْتَ أَنَّهُ قَضَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَهُوَ خَطَأٌ وَمُحَالٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَلْيَنْوِ الْبَالِغُ الْقَضَاءَ لَمَّا فَاتَ إيجَابُهُ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ.
قُلْنَا لَوْ أُمِرَ بِذَلِكَ لَنَوَاهُ، وَلَكِنْ لَمْ يُجْعَلْ فَوَاتُ الْإِيجَابِ بِالصِّبَا سَبَبًا لِإِيجَابِ فَرْضٍ مُبْتَدَأٍ بَعْدَ الْبُلُوغِ، كَيْفَ وَالْمَجَازُ إنَّمَا يَحْسُنُ بِالِاشْتِهَارِ؟ وَقَدْ اشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ دُونَ الصِّبَا. وَلَعَلَّ سَبَبَ اخْتِصَاصِ اشْتِهَارِهِ أَنَّ الصِّبَا يَمْنَعُ أَصْلَ التَّكْلِيفِ، وَالْحَائِضُ مُكَلَّفَةٌ فَهِيَ بِصَدَدِ الْإِيجَابِ.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: حَالَةُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا لَكِنَّهُمَا إنْ صَامَا وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَجَازٌ أَيْضًا، إذْ لَا وُجُوبَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ حَقِيقَةٌ إذَا فَعَلَهُ فِي الْوَقْتِ لَصَحَّ مِنْهُ فَإِذَا أَخَلَّ بِالْفِعْلِ مَعَ صِحَّتِهِ وَلَوْ فَعَلَهُ شَبِيهٌ بِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، أَوْ نَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَهُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ.
إلَّا أَنَّ هَذَا الْبَدَلَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ سَابِقٌ بِالزَّمَانِ فَسُمِّيَ قَضَاءً لِتَعَلُّقِهِ بِفَوَاتِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَةِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُهُمَا بِفَوَاتِ الْآخَرِ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ تُسَمَّى الصَّلَاةُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَالْمُسَافِرِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ تَسْمِيَةَ صَوْمِ الْمُسَافِرِ قَضَاءً مَجَازٌ، أَوْ الْقَضَاءُ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَا فَاتَ أَدَاؤُهُ الْوَاجِبَ وَبَيْنَ مَا خَرَجَ عَنْ وَقْتِهِ الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ بِهِ وَلِرَمَضَانَ خُصُوصُ نِسْبَةٍ إلَى الصَّوْمِ لَيْسَ ذَلِكَ لِسِوَاهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُسَافِرَ لَوْ بَلَغَ بَعْدَ رَمَضَانَ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ بَلَغَ فِي آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَزِمَتْهُ؛ فَإِخْرَاجُهُ عَنْ مَظِنَّةِ أَدَائِهِ فِي حَقِّ الْعُمُومِ يُوهِمُ كَوْنَهُ قَضَاءً، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ فَإِنْ قِيلَ: فَالنَّائِمُ وَالنَّاسِي يَقْضِيَانِ وَلَا خِطَابَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُكَلَّفَانِ.
قُلْنَا: هُمَا مَنْسُوبَانِ إلَى الْغَفْلَةِ وَالتَّقْصِيرِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَفَا عَنْهُمَا وَحَطَّ عَنْهُمَا الْمَأْثَمَ بِخِلَافِ الْحَائِضِ ثُمَّ فِي الْمُسَافِرِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ تَشَبُّهًا بِالصَّائِمِينَ دُونَ الْحَائِضِ ثُمَّ فِي الْمُسَافِرِ مَذْهَبَانِ ضَعِيفَانِ
أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي السَّفَرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ، فَلَمْ يَأْمُرْهُ إلَّا بِأَيَّامٍ أُخَرَ.
وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يُفْهِمُنَا إضْمَارَ الْإِفْطَارِ، وَمَعْنَاهُ مَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ} [البقرة: 60] . وَيَعْنِي: فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ؛ وَلِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّفَرِ كَانُوا يَصُومُونَ وَيُفْطِرُونَ وَلَا يَعْتَرِضُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْكَرْخِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ أَيَّامٌ أُخَرُ، وَلَكِنْ لَوْ صَامَ رَمَضَانَ صَحَّ وَكَانَ مُعَجِّلًا لِلْوَاجِبِ، كَمَنْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْحَوْلِ. وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَا تُفْهِمُ إلَّا الرُّخْصَةَ فِي التَّأْخِيرِ وَتَوْسِيعَ الْوَقْتِ عَلَيْهِ، وَالْمُؤَدِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ غَيْرُ مُعَجِّلٍ بَلْ هُوَ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست